فلسطينيو الخارج و دورهم المنشود
أمين أبو راشد
ناشط حقوقي فلسطينيأمام التحديات الكبيرة التي يتعرض لها فلسطينيو الشتات و الذين يشكلون نصف تعداد الشعب الفلسطيني وفي ظل المِحن المتواصلة التي تعصف بهم ابتداء من معاناة فلسطينيي لبنان و محنة فلسطينيي العراق وصولاً الى مأساة فلسطينيي سوريا، يدرك المتابع للمشهد الفلسطيني ان كل هذه المصاعب و الأزمات لم تكن لتوجد أو على الاقل كان بالإمكان أن لا تكون بهذه الحدة لولا جملة من العوامل أدت الى هذا الواقع المأساوي الذي يعيشه اللاجئ الفلسطيني في شتى أماكن تواجده خارج فلسطين.
أول هذه العوامل هو غياب الدور الحقيقي الفاعل لفلسطينيي الشتات فيما يخدم قضاياهم و يساهم في حل مشكلاتهم و تحقيق مستوى معيشة مناسب لهم يدفع عنهم التحديات الكبيرة التي تواجههم.
ثاني هذه العوامل هو انكفاء السلطة الفلسطينية على فلسطينيي الداخل رافعة عن كاهلها أي مسؤولية تجاه أبناء شعبها في الشتات لتُرحل مسؤوليتهم الى منظمة التحرير الفلسطينية التي ينبغي ان تكون المظلة المسؤولة عنهم وعن حل مشكلاتهم.
في نفس الوقت فإن حالة الجمود الهيكلي و الوظيفي لمنظمة التحرير الفلسطينية و التي أصابت كافة أُطرها و دوائرها جعل الأخيرة -رغم كونها إنجازاً مهماً على المستوى الدولي- عاجزة في نفس الوقت عن حل مشكلات أبناء الشتات لعدم قدرتها على أن تشكل إطاراً حقيقياً معبراً عن تلك الشريحة الكبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني نابعاً منها يستشعر آلامها و يحاول إيجاد علاج لها.
إنّ كل ما سبق مضافاً اليه الإدراك الحقيقي لأهمية دور الشتات الفلسطيني الذي لطالما شكل خزاناً للثورة الفلسطينية و ساهم في إشعالها و قدم كثيراً من أبنائه شهداءً قرباناً لحريته و استشعاراً لأهمية دور الجناح الثاني للطائر الفلسطيني بما يحقق نهوضاً سليماً و توظيفاً نافداً وتكاملاً حقيقياً للطاقات التي يحملها الإنسان الفلسطيني كلٍ حسب دوره المنوط به بين الداخل و الشتات فإنه بات من الضرورة بمكان إيجاد مظلة تحمي حقوق فلسطينيي الشتات تنصرهم و تدافع عن مطالبهم السياسية و القانونية والإغاثية و الوطنية وتُفعل دورهم فيما يحقق مصالحهم و يخدم قضاياهم الملحة و يوظف الطاقات الكبيرة التي تزخر بها التجمعات الفلسطينية خارج فلسطين ويؤطرها تحت هيئة واحدة منتخبة تمثل عموم الطيف الفلسطيني في الخارج تمثيلا حقيقيا و تكون شريكة في صناعة القرار السياسي الوطني الفلسطيني.
لا شكّ أنّ الوجود الفلسطيني في الخارج بوعيه نجح في إحداث مثل هذه الأطر في بعض أماكن تواجده وربما كان مؤتمر فلسطينيي أوروبا مثالا واضحا على مثل هذه التحركات، لكنني أعتقد ان المطلوب أكثر من ذلك وينبغي أن يكون الإطار اوسع و أشمل إذ يجب أن تشهد المرحلة القادمة حراكاً واسعاً شاملاً لكل فلسطينيي الشتات على اختلاف توزعهم وصولا إلى صيغة ما تلبي تطلعاتهم يضع فيها كل فلسطيني في الخارج بصمته ويساهم في فعالياته.
من هنا أقول و بكل بوضوح ينبغي الجلوس على طاولة واحدة تفضي الى اطار جامع لفلسطينيي الخارج يشكل جناحاً رديفاً لفلسطينيي الداخل تُجمع فيه الطاقات و تدار بما يخدم مصالح أبناء شعبنا الفلسطيني في الشتات و يحل مشكلاتهم و من ثم يحقق تطلعاتهم في العودة و التحرير.
أضف تعليق
قواعد المشاركة