اللاجئ الفلسطيني.. والأسئلة الصعبة؟!
ماهر الشاويش
إعلامي فلسطينيانتشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة مقال بعنوان: "لماذا لا نتخلص من الفلسطينيين؟" للكاتب السعودي هاني نقشبندي. طبعاً المقال قديم، وهو ما لم يلحظه الكثيرون ممن نشروه وتبادلوه على صفحاتهم وحساباتهم الشخصية، ولعل ذلك يعود إلى محاكاته لواقع اللاجئ الفلسطيني ومعاناته المتجددة، فضلاً عن أسلوب الكاتب وجرأته في الطرح، ما جعل البعض يرتبك في تقويمه للمقال، فمنهم من عدّه عنصرياً بامتياز، ومنهم من رأى فيه دعوة إلى التوطين، فيما صنّفه آخرون هرباً إلى الأمام في معالجة إشكالية للواقع الصعب والمرير الذي يرزح تحته ملايين اللاجئين الفلسطينيين في الشتات.
بغضّ النظر عن الدخول في تفاصيل تقويم المقال سلباً أو إيجاباً، فإننا نقرأ في إعادة نشره وتوزيعه في هذا التوقيت تحديداً وبهذه الصورة الواسعة الانتشار، ومن قبل مؤسسات وأفراد يمثلون النخبة بين صفوف المدافعين عن حق العودة، محطة تستحق الوقوف عندها، ولا سيما من بوابة المضامين التي حملها هذا المقال "الإشكالي" ـ بحسب البعض ـ في الطرح والتوقيت.
في التوقيت، لا يخفى على متابع، ما يعتري مكانة اللاجئ الفلسطيني وقضيته من تراجع على مختلف الصعد المحلية والعربية والإسلامية والدولية، وما يحاك لهذه القضية وما ينصب لها من فخاخ في السر والعلن، وما رافق ذلك من ارتفاع في وتيرة المطالبة بالهجرة إلى أوروبا، والسعي إلى الحصول على الإقامة في حد أدنى، والجنسية كرغبة متقدمة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين، وبمختلف أماكن وجودهم.
تصبح هذه المطالب أكثر إلحاحاً وضرورة لدى حاملي الوثائق الذين تلفظهم غالبية الدول العربية في ما يبدو أنه أزمة مركّبة ومعقدة تجثم على صدورهم دون بروز أي مظاهر إيجابية لحلول واقعية في الأفق والمدى المنظور، ليكون مصيرهم المحتوم الموت غرقاً أو السجن، وربما الطرد والاعتقال والترحيل، وفي أفضل الظروف الإقامة الجبرية في بلدان تحرمهم الإقامة، أو حتى التنقل لتأمين أبسط مقومات الحياة اليومية.
قد يبدو المشهد سوريالياً من خلال الطرح، لكنه مع الأسف واقعي بامتياز. وهنا نتوقف مع أبرز مضامين ما جاء في مقال الكاتب هاني نقشبندي، وهي العبارة الختامية التي اختزل فيها الكاتب هذا الواقع ليقول: "وإن كانت "إسرائيل" قد جردت الفلسطينيين من أرضهم، فقد جردت الدول العربية الفلسطينيين من إنسانيتهم".
هذه الإنسانية المفقودة التي دعت الكاتب يصرخ بالفم الملآن: "نعم.. لنتخلص منهم، فذاك أرحم بهم ولهم. ربما كانت "إسرائيل" مصيبة الفلسطينيين الأولى والكبيرة، لكنها لم تكن الأخيرة ولا الأكبر. فقد أصبح قدر كل فلسطيني، وخاصة حامل الوثيقة، أن يكافأ على ما حلّ بأرض أجداده، بأن يعيش فوق أرض عربية أخرى كطفح جلدي. منذ أكثر من ستين عاماً تناسل خلالها جيلاً وراء جيل، ما زال يعامل في كل وطن عربي كغريب أتى بالأمس إلى المضارب".
لماذا لا نتخلص منهم؟ هو السؤال الذي انطوت عليه هذه المقالة ليعنون كاتب آخر مقالته بسؤال ليس أقل أهمية، بل ربما كان أكثر خطورة: "كيف نتخلص منهم؟".
بين "لماذا وكيف" يعيش ملايين اللاجئين الفلسطينيين في حال من الترقب والانتظار المفتوح على مستقبل مجهول تتقاذفه الخطوب والأمواج، لتغدو الأسئلة الأكثر إلحاحاً: إلى أين؟ ومتى تنتهي هذه المأساة؟ وماذا يخبئ القدر لهم ولأبنائهم؟ ومن ينقذهم؟ وما الواجب تجاههم؟ وهل قامت الجهات المسؤولة عنهم بدورها أمام معاناتهم المتفاقمة التي تتدحرج ككرة الثلج؟!
كل هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات سريعة ومقنعة من الجهات الرسمية الفلسطينية أولاً، ومن ثم كافة دوائر صنع القرار المعنية بقضيتهم على مختلف الصعد، وإلا فلا حدود للسيناريوات التي ستكون واقعاً ملموساً يعصف بحق العودة خصوصاً، وبالقضية الفلسطينية عموماً.
أضف تعليق
قواعد المشاركة