عن قرار تعديل الجنسية للاجئين الفلسطينيين في الكويت
علي هويدي
كاتب وباحث بالشأن الفلسطيني"تعديل الجنسية للفلسطينيين من حمَلة وثائق السفر من سوريا ومصر والعراق ولبنان في الكويت إلى جواز السلطة الفلسطينية الذي يحملونه، جاء لدواعٍ أمنية وإنسانية، لا سيما بعد وقوعهم في وضع المخالف للإقامة بعد رفض الدول تجديد وثائقهم". هذا ما نقلته صحيفة "الرأي" الكويتية في عددها الصادر يوم الأحد 16 تشرين الأول 2016، وأن "نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الشيخ محمد الخالد، اعتمد المقترح الذي رفعه إليه وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والإقامة اللواء الشيخ مازن الجراح. قرار تعديل الجنسية سيشمل ثمانية آلاف فلسطيني من حملة الوثائق المقيمين بالبلاد وأن قطاع شؤون الإقامة الخاصة سيباشر باتخاذ الإجراءات لتنفيذ قرار وزير الداخلية".
يعتبر هذا القرار سابقة في تاريخ التعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين والدول العربية التي تحتضن اللاجئين، سواء مناطق عمليات "الأونروا" الخمس (الضفة الغربية وغزة وسوريا والأردن ولبنان)، أو غيرها من الدول التي يعيش فيها لاجئون. أحد أسباب القرار "رفض الدول تجديد الوثائق" غريب، إذ إن الدول العربية الأربع التي ذكرت ملتزمة بتجديد وثائق السفر للاجئين الفلسطينيين، ومن ثم إمكانية الوقوع في وضع المخالف للإقامة لهذا السبب غير واردة.
لم يكن هذا القرار ليتخذ دون التنسيق مع السفارة الفلسطينية لدى الكويت ومع السلطة الوطنية الفلسطينية، إذ إن أحد شروط تعديل الجنسية يقتضي "إحضار كتاب رسمي عبارة عن شهادة من سفارة السلطة الفلسطينية مصدّقاً من الخارجية الكويتية يحوي بيانات عن حامل الجواز وعن الجواز وعن رقمه". أمام هذه المعطيات، نحن أمام أربع قضايا رئيسة أمنية وإنسانية وقانونية وسياسية.
على المستوى الأمني، من حق الدول المضيفة للاجئين وكل الدول، المحافظة على الوضع الأمني في البلد واتخاذ جميع الإجراءات التي من شأنها أن تحد من أي تطورات أمنية، خاصة في ظل الفوضى التي تشهدها المنطقة عموماً، وعلى المستوى الإنساني والقانوني لا شك في أن قرار تعديل الجنسية سيسهم في المزيد من التخفيف من القيود على إجراءات العمل والتنقل وسيسهم في تحسين الأوضاع المدنية والاقتصادية والاجتماعية للاجئين. الخطورة في القرار تكمن في التداعيات السياسية لحملة الوثائق، إذ سيتم شطب أسمائهم من سجلات وكالة "الأونروا" وسجلات الدول المضيفة التي تحتضن لاجئين، ومن ثم ستسقط عنهم صفة لاجئ وسيصبحون مواطنين تماماً كما المواطنين الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة الذين جاؤوا الكويت تحديداً بين عاميْ 1967 و 1970، ويحملون جوازات السلطة ورقماً وطنياً، وهذا سيكون له خطورة على حق العودة إذ سيتحول اللاجئ الفلسطيني الذي هُجر أجداده من فلسطين في عام 1948 وذريته من بعده إلى مواطنين فلسطينيين ينتمون إلى "دولة فلسطين" في الضفة وغزة، وليس إلى حيفا وعكا وصفد..
جاء القرار ليكرس عدم التزام الدول العربية وبلا استثناء بأحكام بروتوكول الدار البيضاء الذي وضعته في سبتمبر/أيلول 1965 الذي وجد فيه الفلسطيني متنفساً للعيش بكرامة والحفاظ على حقه في العودة، لكن ما زاد الطين بلة موافقة تبني الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، بناءً على اقتراح المملكة العربية السعودية والكويت، للقرار رقم 5093 في عام 1991 الذي قرن تطبيق البروتوكول بعبارة "وفق النُظُم والقوانين المعمول بها في كل دولة". وهذا يعني عملياً، إعفاء الدول العربية من منح الأولوية للبروتوكول في الممارسة.
لذلك، المطلوب الحفاظ على حق العودة للاجئين وإجراء جامعة الدول العربية تعديلات على بروتوكول الدار البيضاء بما يحفظ حق وسيادة الدول المضيفة وعيش اللاجئ بكرامة دون الحاجة لقرار "تعديل جنسية"، وهذا يستدعي حراكاً شعبياً بالدرجة الأولى لتوضيح مخاطر القرار على المستوى السياسي، وللضغط على صانع القرار الفلسطيني والعربي والدولي لتدارك الخطوة. أحد عوامل استقرار المنطقة الحفاظ على كرامة اللاجئ الفلسطيني وصولاً لتطبيق حق العودة.
أضف تعليق
قواعد المشاركة