الجاليات الفلسطينية في دول الشتات!!
سميح شبيب
كاتب ومحلل سياسي فلسطينيكان لي جولات في مدن أوروبية عديدة، خلال الشهرين المنصرمين، ليس في سياق السياحة والتجوال فقط، بل كان معظمها لزيارة الأهل والأصدقاء، الذين شاءت الأقدار، أن يغادروا سوريا تجاه دول اللجوء والشتات في الدول والعواصم الأوروبية، بعد أن تعذرت سبل العيش والحياة في سوريا، ومخيمات اللاجئين فيها، خاصة مخيم اليرموك!!
ما يشاهده الإنسان من حالات جديدة، تترافق وأوضاع اللاجئين القادمين من سوريا إلى ألمانيا خاصة، يصل إلى حد الدهشة، والتساؤل جديا، حول مصير هؤلاء القادمين وما ستؤول إليه أحوالهم مستقبلا، ما هو مصير شخصيتهم الوطنية، وما هو مصير تاريخهم ... ما يسمعه الزائر القادم، من اللاجئين حول رحلة العذاب واللجوء، من أهوال رافقتهم بدءا من مغادرة الأراضي السورية، عبر الحدود التركية - السورية ووصولا لألمانيا تحديدا، هو مذهل حقا! هو أمر خطير يصل إلى حد المجازفة بالحياة، بهدف الوصول إلى بر الألمان.
عاش اللاجئون جميعهم من سوريا وفلسطين، مرحلة الاحتجاز في معسكرات، أعدها الألمان خصيصا لإيواء عشرات الآلاف من اللاجئين، ودراسة أوضاعهم، قبل قبولهم لاجئين وإعطائهم حق الإقامة.
معظم المهاجرين، وبعد نيلهم حق الإقامة، لديهم رغبة جامحة للانخراط في مجتمع، يختلف عن مجتمعاتهم في اللغة وفي العادات والتقاليد، والمناخ .. وهنا يبرز دور الشباب، الجامح والطامح، للنجاح في الانخراط في المجتمع الجديد، بينما تتعثر جهود من تجاوز الأربعين والخمسين في العمر!!
الجميع لديهم حنين قوي للوطن الأصلي سوريا، لكن ما تحمله الذاكرة، يقف حائلا ومانعا لا يمكن القفز عنه.
يشكو سفراؤنا في الخارج، من مواقف يسمعونها من اللاجئين في دول الشتات الأوروبي، وجميعها تناصب العداء، لمواقف م.ت.ف، وعدم السؤال عن أحوالهم وهو أمر يستحق التوقف عنده، ودراسته دراسة علمية ودقيقة، أساسها وجذرها، سؤال حول مستقبل هؤلاء اللاجئين، وهل يمكن تأطير جهودهم، بما يكفل تعزيز الوطنية الفلسطينية؟!
الآن، هناك جاليات فلسطينية، لا يمكن تجاوزها أو القفز عنها، وبها طاقات علمية وفنية، ولمعظمها دور في حياتنا الوطنية الفلسطينية، في مخيمات اللجوء في سوريا وغيرها من البلدان العربية. لدى الأوروبيين، وخاصة الألمان، خطط مدروسة، وبعناية فائقة، لاستيعاب اللاجئين السوريين والفلسطينيين، على حد سواء، ومن الأجدى والأجدر، أن يكون لدينا، نحن كسلطة وكمنظمة تحرير، خطط للتواصل مع هؤلاء اللاجئين، التي شاءت ظروف قاهرة لحملهم على الهجرة والتشتت، وهذا أمر ممكن، في حال توفر الإرادة، وحسن التواصل مع الأهل والخلان، وهم في حالة التحول، الإيكولوجي، التي ستترك أعمق البصمات خاصة على الجيل القادم، من المهاجرين.
ليس صعبا للغاية، أن نقوم بدراسات محددة ومعمقة حول أعداد اللاجئين، وأماكن تشتتهم ومن ثم التواصل مع ممثلين عنهم، لمعرفة ما يعانونه من مشكلات وما هي الأسئلة التي تؤرقهم وتشغل بالهم.
الأمر يحتاج إلى لجنة عمل متماسكة، تعمل بالتنسيق مع سفارات فلسطين في الخارج، تعمل هذه اللجنة، عبر إطار إلكتروني، وموقع ينشر أخبار الجاليات الفلسطينية، ويقدم معلومات حول قوانين الدول الأوروبية، بحيث يطلع اللاجئ على القوانين والإجراءات التي تكفل حقوقه، ومن خلال هذا الموقع تتم عمليات التواصل، ما بين الوطن وأماكن الشتات، وبه يطلع الجميع على المشكلات التي يعاني منها اللاجئون، ويطلع على مقترحاتهم الخاصة، بالشؤون الفلسطينية كافة.
بات من المستحيل، القفز عن الجاليات الفلسطينية في الخارج، أكان على مستوى التمثيل الفلسطيني، أو سلامة الحياة السياسية الفلسطينية، فلا أعداد هؤلاء تسمح بذلك، ولا قدراتهم وإمكانياتهم.
المصدر: عربي 21
أضف تعليق
قواعد المشاركة