"الأونروا" تنشر القلق

منذ 10 سنوات   شارك:

د. يوسف رزقة

استاذ أدب ونقد في الجامعة الإسلامية بغزة

 هل بقي في قوس الصبر منزع؟! هذا سؤال الصابرين المحتسبين في غزة المحاصرة. سؤال سأله موظف في الحكومة لأخيه وشقيقه موظف الوكالة (الأونروا)، بعد أن استفاض النقاش بينهما حول مصير وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في غزة، ومستقبل رواتب الموظفين في هذ المؤسسة الأممية.

كان موظف الوكالة عضوًا في عائلة أو قل أسرة كبيرة العدد، يواسي بما يفيض عن حاجته من راتبه شقيقه موظف الحكومة، وشقيقته في الجامعة، ويدفع نفقات والدته المريضة. كانت العائلة تلوذ ببيت الصبر على مشاق الحياة وتزايد مصاريف أفرادها، وكان موظف الحكومة يلجأ إلى شقيقه ليعينه على مصاريف أسرته، واليوم بدأ يضرب أخماسًا في أسداس كما يقولون, بعد أن طحنه خبر غير مؤكد حتى الآن يقول: إن وكالة "الأونروا" ستوقف عمل المدارس ورواتب الموظفين لمدة أربعة أشهر هذا العام، إذا لم تتلقَ مائة مليون دولار من الدول المانحة في غضون أسابيع!.

لا مال في غزة، ولا مال في مصانع غزة، ولا في تجارة غزة، ولا في الوظائف الحكومية، ويبدو أن وكالة الغوث (الأونروا) تسير في طريق الآلام بخطى واهنة، إما لتراجع الدول المانحة لها تراجعًا حقيقيًّا، وإما لتراجع سياسي عند قيادتها الدولية وكأنها جزء من قرار تراجع تدريجي بهدف الانتهاء السلبي من ملف اللاجئين الفلسطينيين، كما تخطط لذلك (إسرائيل) والدوائر الصهيونية، التي ترى في وجود مؤسسة "الأونروا" تكريسًا لوجود ملف اللاجئين.

نحن نتكلم الآن في قضية ذات (بعد سياسي، وبعد اجتماعي، وبعد مالي) ، وجل أوراقها ووثائقها هو ملك حصري لقيادة الوكالة العتيدة، ولكننا نعيش القلق الذي يعيشه في هذه الأيام موظف الوكالة، وما يعيشه تلاميذ المدارس الابتدائية والإعدادية وأسرهم من قلق على مستقبل أبنائهم أمام هذه التقليصات المحتملة، التي تعمدت قيادة الوكالة تسريبها في بعض اللقاءات الداخلية التي تدارست وضع الوكالة المالي، والتي لا يزيل قلقهم منها نفي الناطق الرسمي باسم الوكالة لوجود قرار في هذا الموضوع.

غزة لا تحتمل مثل هذه الاختبارات السياسية التي تتخفى بثوب المشاكل المالية، لأن قدرة مؤسسة "الأونروا" والأمم المتحدة على توفير الدعم المالي اللازم إذا ما تحركت التحرك المسؤول بين الدول المانحة عالية جدًا ولا ينافسها فيها منافس. حين تكون المشكلة مالية بحتة، فإن مؤسسات الأمم المتحدة هي أقدر المؤسسات العالمية على إيجاد حلول عاجلة لها، ولكن حين تكون المشكلة ذات أبعاد سياسية واجتماعية، فمن المؤكد أن تتجه بها السياسة نحو العسر والتعقيد.

مؤسسة "الأونروا" تأسست في عام ١٩٤٩م بسبب النكبة وحالة اللجوء، بقرار أممي ربط بين وجود هذه المؤسسة ووجود مشكلة اللاجئين, بحيث تنتهي أعمال المؤسسة مع عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي أخرجوا منها كرهًا بقوة السلاح والإرهاب الصهيوني. كان الإرهاب الصهيوني في عام ١٩٤٨ هو الإرهاب الأول المنظم تاريخيًّا في المنطقة العربية، والشرق الأوسط، قبل أن يعرف العالم "القاعدة" و"داعش".

جلّ المواطنين يقدرون دور "الأونروا" في رعاية اللاجئين صحيًّا وتعليميًّا واجتماعيًّا، ولكنهم يشكّون أيضًا في دور بعض قادة "الأونروا" السياسي، ويرون بعضهم عبئًا على المؤسسة نفسها، لأنهم يخلطون في عملهم بين السياسة ومتطلباتها، وبين واجبات العمل المختص برعاية اللاجئين، ولا يقومون بواجباتهم في توفير الدعم اللازم للمؤسسة. وإن كثرة شكواهم من الأزمة المالية الخانقة ليس علامة جيدة على دورهم في معالجة العجز والأزمة، الجودة عادة ترتبط بالحلول لا بالشكوى الإعلامية.

المصدر: فلسطين أون لاين

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

إلى غزة… وإلى الشهيد الذي لم يخذلها

في ذكرى استشهادك، أيها الشهيد، وأب الشهيد، وصديق الشهداء، يتجدد الوجع كأن دمك ما زال طريّاً فوق تراب فلسطين. كنتَ وحدك من لبّى… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير