أطلق في مخيم عين الحلوة «مشروع المعونة القضائية»، من أجل وضع اليد على حل النزاعات الموجودة مع السلطة القضائية. زياد من «مؤسسة بورسيو»، التي تعمل على المشروع، قال إن الفكرة أتت نتيجة دراسة تمت من 2009 وحتى 2011 في المخيمات، والتي تبين من خلالها أن مستوى النزاع في المخيمات مرتفع جداً، وعلى ضوء النتائج التي حصلنا عليها، تواصلنا مع اللجان الشعبية والأمنية، والفصائل الفلسطينية في المخيمات، فتبين أن هناك مناطق فيها مطلوبون أكثر من مناطق أخرى.

وبنتيجة ذلك تم تصميم «مشروع المعونة القضائية»، لأن هناك شبابا مطلوبون بطريقة عشوائية. وقد يكونون غير مطلوبين، لكنهم يعتقدون أنهم مطلوبون، ويتصرفون على هذا الأساس، ويبقون داخل المخيم ويخافون الخروج منه. وقد يؤدي ذلك إلى توريطهم بمشاكل عديدة.

مئة وخمسون شاباً تقدموا بطلبات من أجل تسوية أوضاعهم القضائية، من خلال تكليف محام خاص. كلفت المؤسسة محامياً فلسطينياً متواجداً في مخيم عين الحلوة، وفي مقر اللجنة الشعبية بالتحديد لمتابعة أمور المطلوبين من الناحية القانونية. كما تم تكليف محام لبناني للمرافعة أمام المحاكم اللبنانية كون الفلسطيني لا يستطيع ذلك.

وتابع: هناك طلبات تم رفضها لأنها تتعلق بحق خاص، أما الطلبات التي تتعلق بالحق العام، فقد تم قبولها، وكل القضايا كانت قضايا جزائية وسياسية وأمنية. وبعد ذلك تبين أن جزءاً من القضايا تم حلها مع الأجهزة الأمنية، وأخرى تم حلها في المحاكم. وشرح: «العمل منسق مع الأجهزة الأمنية، ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، وكل من هو معني بالأمر، ونحن أنجزنا حتى الآن حلّ مجموعة قضايا، منها، سبع وعشرون مشكلة قضائية، وثماني مشاكل من خلال الأجهزة الأمنية، والقضايا الأخرى عن طريق المحاكم، والمهم المساعدة على الأمن والاستقرار داخل المخيم، لأن المشاكل القضائية تساهم في تطور أي أزمة يمر فيها الشعب الفلسطيني، وتساعد في زيادة التوترات الأمنية، ومساعدة المطلوبين أمر سيساعدهم على الشعور بالحرية».

وقد قام المشروع بتقييم عمله، فتبين «أن من نقاط القوة هو ما كان يقوم به المحامي الفلسطيني الدكتور محمود ميداني، من تواصل داخل المخيم، لأن المحامين اللبنانيين لا يستطيعون التواصل مع المطلوبين داخل المخيم. وكذلك قمنا بحملة توعية عن الحقوق القانونية، واستعنا بنقابة المحامين اللبنانيين، كي ننشر كتيباً عن الحقوق والواجبات، وكما صممنا ملصقاً عنوانه «لا عقوبة من دون نص»، وهذا الملصق موجه إلى القانون اللبناني، الذي يجب مقاربته بالفلسطينيين».

إدوار كتورة، مدير البرامج في «مؤسسة بورسيو»، قال: قمنا بإجراء عقد مع مكتب المحاماة اللبناني، ليغطي مئة وستين ملفاً لحوالي مئة مطلوب، لأن هناك أشخاصاً متهمون بأكثر من قضية، والمؤسسة تتكفل بتكاليف كل القضايا، وتابع: أما بالنسبة لكيفية العمل، فقد تم تصميم المشروع بعد القيام بمسح ميداني في 12 مخيماً، ومن خلال اللجان الشعبية، حيث تبين أن أكثر المشاكل التي يعاني منها الناس في المخيمات هي موضوع المعونة القضائية، ومع بدء المشروع لم تكن لدينا إحصائيات دقيقة حول أعداد المطلوبين، ولكن كان العدد بحسب الناس يقدر ما بين أربعة آلاف وخمسة آلاف مطلوب، ولكننا بعد ذلك تفاجأنا بالعدد إذ تبين أن العدد لا يتجاوز الثلاثمئة مطلوب.

وبعد التأكد من العدد حدد المشروع ثلاثة أهداف:

أولاً: أن يعرف الفلسطينيون في المخيمات حقوقهم القانونية، لأن الفلسطيني عندما يوقف لا يعرف أن القانون يسمح بتوقيفه 24 ساعة فقط، وأن القانون يفرض على الجهة التي أوقفته تعيين محام له.

ثانياً: كيفية إيجاد آليات التنسيق ما بين الأجهزة اللبنانية، سواء كانت قضائية أو أمنية، والطرف الفلسطيني من منظمة التحرير الفلسطينية واللجان الشعبية، لجهة تبليغ المطلوب.

ثالثاً: بعد الاستشارات مع نقابة المحامين اللبنانيين، وبعض الجهات الدولية المعنية بالحقوق القانونية تبين أن هناك بعض البنود في القانون اللبناني في ما يتعلق بالفلسطيني يجب تعديلها.

وتابع كتورة: لحل المشكلة تم الاتفاق مع الدكتور خلدون الشريف الرئيس السابق لـ«لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني»، على تشكيل لجنة تضم لجنة الحوار، ووزارة الداخلية، ووزارة الدفاع، ووزارة العدل، ومخابرات الجيش، والأمن العام، وقوى الأمن الداخلي، وأمن الدولة. وهذه اللجنة مهمتها حل مشاكل المطلوبين في مخيم عين الحلوة، وقد صدرت الموافقة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

ولكن لسوء الحظ، بعد تشكيل اللجنة، استقالت الحكومة واستقال الشريف، وتجمد الموضوع. لكنه موجود على الطاولة، وفق كتورة، ونحن بحاجة إلى الجانب اللبناني في حل هذه القضايا، لأنه عندما يكون المتهم فلسطينياً، قد تؤجل الجلسات لشهور عديدة، وكذلك اتفقنا على أن يكون للمحكمة العسكرية فرع في صيدا لحل مشاكل المطلوبين من مخيم عين الحلوة. وتابع كتورة: أما بالنسبة لمخابرات الجيش، فقد تم الاتفاق معهم على تزويدنا بلوائح تتضمن أسماء المطلوبين، لحل قضاياهم والتأكد من الأسماء المطلوبة، وقد واجهتنا مشكلة أخرى هي أن مجموعة من المطلوبين وقعوا أوراق تعهد بأن يسلموا أنفسهم للقضاء. ونحن نتابع الموضوع إلا أننا جمدنا الموضوع، لأننا لا نضمن عدم تعرض المطلوب للتعذيب، والمشكلة الأخرى ورود اسم الفلسطيني عند أي إشكال يحصل في لبنان، وكذلك واجهنا مشكلة في نقابة المحامين اللبنانيين، هناك دائرة اسمها المعونة القضائية، ومن خلالها يتم تعيين محام من قبل المحكمة للموقوف. ولكن للأسف هذا الموضوع لا يطبق على الفلسطيني، ونحن نطالب بتنفيذ هذا القانون في نقابة المحامين.

ويرى كتورة أنه «تجب قوننة العلاقة اللبنانية الفلسطينية، لأن الجيش اللبناني عندما يطلب من اللجنة الأمنية اعتقال شخص ما في المخيم، ويحصل إطلاق نار تصير اللجنة الأمنية هي المطلوبة للدولة بتهمة إطلاق النار، لأنه لا يوجد غطاء قانوني». وهناك أمر آخر تبين من خلال الدراسات والإحصاءات، وهو أن «نسبة الجريمة في مخيم عين الحلوة أقل من أي منطقة لبنانية، علماً أن البيئة والحالة الاقتصادية، والحصار والكثافة السكانية الكبيرة جميعها تولد أناساً يخافون القانون، وخاصة أن القوانين اللبنانية التي تتعلق بالفلسطيني تطلب منك مخالفة القانون، لأنه قانون ظالم وعنصري».

المصدر: السفير - انتصار الدنان