فلسطينيو الداخل أو عرب 48، أسماء تُطلق على العرب الذين يعيشون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويقدّر عددهم بالإضافة الى المناطق التي احتلها "الكيان الصهيوني" بعد حرب 1976 وضمها في العام 1981 لسلطة كيانه أي القدس الشرقية والجولان، بحوالي مليون وستمئة نسمة، وهم يقيمون في خمس مناطق رئيسية: الجليل، الجولان، القدس، المثلث وشمالي النقب. حيث يشكل المسلمون 73 بالمئة والمسيحيون 8 بالمئة والدروز 7 بالمئة، ويشكلون جميعهم حوالي 20 بالمئة من مجمل سكان المستوطنات.

أطلق الإحتلال مصطلح "عرب إسرائيل" وهو مستخدم أيضاً من قبل المستوطنين ووسائل الإعلام العبرية لوصف العرب الذي ما زالوا داخل الأراضي المحتلة، لكن بين المجتمع العربي من الشائع إستخدام مصطلح "فلسطينيو الـ48". ويعرّفون عن أنفسهم أيضاً كعرب، وبعضهم يعرّفون عن أنفسهم كذلك كسوريين وهم غالباً من أهل الجولان. ويرفضون بمعظمهم الإنخراط ضمن "الكيان الصهيوني" ويعتبرونه إحتلالًا غاصبًا لأراضيهم.

فتقول آلاء من منطقة كفركنا الناصرة إنّ "الاحتلال يرانا مواطنين درجة ثالثة ودائماً هناك عنصرية وتمييز في كل مجالات الحياة، ونحن ننظر للحكومة الصهيونية على أنها حكومة كيان غاصب محتل لأراضينا، مثلًا انا لا استطيع العمل في مكانٍ أستطيع من خلاله على تطوير قدراتي في مجال الطب لأنني عربية ولأن الإمكانات المادية لا تسمح بذلك"، وتتابع: "الوضع الذي نحن فيه من تضييق على حرية التعبير يجعلنا موجودين كردة فعل كما حصل عندما نزلنا الى الشارع ثلاثة أيام بغضب لوقف مخطط برافر وعبرنا عن رفضنا للمخطط وبسبب هذه الحركة التي قمنا بها تجمد المخطط، لأننا نرفض بناء مستوطنات على أراضينا ونرفض التجنيد في الجيش الصهيوني ونرفض تقديم أي خدمة للكيان الغاصب"، وتشير الى "أننا مع المقاومة المسلحة لتحرير البلاد من النهر الى البحر دون تنازل عن حبة تراب واحدة لتكون فلسطين عربية حرة مستقلة بكامل أراضيها وشعبها".

ويؤكد خالد من منطقة النقب أنّ "التظاهرات ما عادت تجدي نفعاً، بل يجب أن نٌحدث تغييرًا عمليًا أكثر في الداخل الفلسطيني. لأن هكذا نشاطات رغم إيجابياتها بأننا انفتحنا على العالم من خلالها بعد أن كنا معزولين، لكن هي تبقى ردة فعل والأجدى أن تصبح فعل، فالصهاينة لديهم تفكير معين أن "الكبت يولد الإنفجار" لذلك من صالحهم أن ننزل الى الشوارع بردات فعل على حدث معين فنفرّغ غضبنا في الشارع ويعتقلون بعض المتظاهرين ويعود الباقون الى منازلهم. أنا لا أقول ان نتوقف عن التعبير لكن يجب ان نتحول من ردة فعل الى فعل بأي وسيلة ممكنة أو أن نوجد وسائل لنا تمكننا من ذلك مهما كانت صعوبتها وخطورتها لا يهم. فلا يوجد شيء أخطر من أن تتعايش بهكذا ظروف وتتكيف معها". ويعتبر خالد أن "المشاكل الأساسية التي نتعرض لها هي تعدد الأحزاب العربية بأجندات مختلفة، وعدم اتفاقها على أمور محددة ومصيرية ودائماً هناك خلاف على أي خطوة نفكّر في تنفيذها وتطبيقها على الأرض".

ويضيف محمد من منطقة شفاعمرو القريبة الى حيفا أنّ "الصهاينة يعيشون على أرضنا ويعتبروننا لاجئين عندهم، وهناك كره شديد بيننا وبينهم فوجودهم يستفزنا ووجودنا يستفزهم وهذه الأرض لن تحملنا مع بعضنا وستكون لنا عاجلاً أم آجلاً". ويؤكد "أنا ارفض تماماً الإنخراط في المجتمع الصهيوني وعلاقاتي سطحية مع الصهاينة إلّا في حالات أكون فيها مجبرًا على التعامل معهم بحكم العمل والتعليم، لأننا مجبورون على التعلم في جامعاتهم والتعليم بلغتهم هم. وهناك دائماً عنصرية بين الطلاب العرب واليهود". ويتابع "أما بالنسبة للتعامل مع المستوطنين فهم منغلقون على أنفسهم ولديهم مناطقهم الخاصة ونحن لا ندخل الى مناطقهم فلدينا أيضاً تجمعاتنا الخاصة".

وعند سؤالنا عبير من منطقة سخنين في شمال فلسطين المحتلة عن الممتلكات العربية داخل الأراضي المحتلة، قالت: "لا يوجد أي شركات أو مؤسسات عربية في الداخل الفلسطيني، بل كلها شركات صهيونية. فلا يوجد شيء للعرب في الداخل إلّا الأرض. الصهاينة قاموا برسم خريطة هيكلية لكل منطقة يُمنع على العربي التوسع خارجها، فلدينا أراضٍ بجانب الأراضي التي نسكن عليها ولدينا القدرة على البناء والسكن فيها لكن الصهاينة لا يسمحون لنا بذلك، فالناس تسكن فوق بعضها. ودائماً هناك مشاكل عنصرية يمارسها الصهاينة ضد العرب في المدن المختلطة مثل نهاريا ويافا وعكا". وتضيف عبير "الحياة المادية للعرب صعبة جداً وفي تراجع مستمر وهذه إحدى سياسات الصهاينة المتبعة مع العرب لإغراقهم في القروض، هذا ما يبقيهم مرتهنين للسياسة الإقتصادية الصهيونية فيصبح العربي همه الوحيد كيف يسدد قروضه وديونه فتضيع القضية بين مشاكل الحياة اليومية".

وأما من ناحية علاقة السلطة الفلسطينية مع فلسطينيي الداخل، يقول سالم من القدس إنّ "السلطة الفلسطينية لا علاقة لها فينا وقد تخلت عنا منذ إتفاق أوسلو المشؤوم، ولا نملك هويات من السلطة بل ندخل الى الضفة بهويات "اسرائيلية"، وبالتأكيد تختلف عن الهويات التي يملكها اليهود وهذا أحقر ما أحمله". ويتابع "نحن أيضاً ضد مكونات السلطة الحالية وعلى رأسها محمود عباس، لأننا نعتبرها وباءً على الشعب الفلسطيني لا تخدم مصالحه أبداً بل تضره. فمحمود عباس مثله مثل أعضاء الكنيست، أي امر يقترحه أو يريد فعله يرجع به للكيان الصهيوني، فهو قال يوماً انه يسامح الكيان الصهيوني بصفد لكن نحن لن نسامحه ولن نسامح الإحتلال على أي حبة تراب، ولن نغفر لأي متواطئ مع هذا الكيان.. باختصار هذه السلطة هي العار بحد ذاته وعندما نتخلص من فشلها سنكون قد تقدمنا خطوة كبيرة باتجاه التحرير الفعلي".

هذا هو حال الغالبية من العرب الذين يسكنون على أرضهم داخل فلسطين المحتلة، والأمر ليس كما يُشاع ولا كما يريد "الكيان الصهيوني" إظهاره، أن الشعب الفلسطيني يتعايش بشكل طبيعي مع الإحتلال والمستوطنين. بل هناك بركان لا بد سينفجر يوماً بوجه الصهاينة وكل من يتواطأ معهم، حيث يمتلك الجيل الصاعد من الشباب في الداخل الفلسطيني الوعي اللازم الذي جعله يختار فلسطين وطناً له بكامل أراضيها، وهم يعلمون أن الأمر بحاجة لتضحيات جسيمة من أجل إثبات هويتهم الفعلية. لكن كما قالوا لا يوجد أصعب وأخطر من أن تتعايش مع هكذا ظروف، وكل شيء يجعلهم يتغلبون على هذه الظروف يهون مهما كان.