خرجت بعض الصحف اللبنانية عن السياق المألوف لتغطيتها الوضع الفلسطيني، عامة، وعين الحلوة خاصة، الذي دأبت عليه منذ "نجح" شادي المولوي "الفار من وجه العدالة" في التسلل إلى مخيم "عاصمة الشتات" قادماً من منطقة باب التبانة الطرابلسية المحاصرة من قبل القوى الامنية اللبنانية...

فإلى جانب العزف على وتر "الوضع الأمني" والترويج لاحتمال تكرار تجربة نهر البارد في عين الحلوة، التي تسهم في وضع قضية اللاجئين على سكة التصفية؛ تناولت صحيفة "النهار" ملف "إعاادة إعمار مخيم نهر البارد" بعد مضي اكثر من سبع سنوات على انتهاء الحرب وخمس سنوات على البدء بإعادة الإعمار، إذ كان من المفترض أن تنتهي ورشة إعادة الإعمار خلال ثلاث سنوات، اي مع انتهاء العام 2011... وتساءلت النهار: هل "نشهد حلا قريبا لهذا الموضوع؟ ام ان كثرة الملفات المطروحة على الطاولات اللبنانية والجهات المانحة سترجئه الى أجل غير مسمى؟"..

كما تناولت بعض الصحف اللبنانية والعربية بكثير من التفصيل والتحليل زيارة الوفد المركزي لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين برئاسة امينها العام الدكتور رمضان عبدالله شلح إلى القاهرة، للبحث في العلاقات المصرية الفلسطينية وملفات فتح معبر رفح وإعادة إعمار غزة، التي يعتبرها نائب الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد نخالة "من اهم النقاط المطروحة للنقاش".

الملف الأمني

تساءل موقع (ناو ميديا) في مقال له عن كيفية تحول شادي المولوي المتواري في مخيم عين الحلوة كما تقول "مصادر أمنية" من بطل الى ارهابي؟.. ونقل الموقع عن بعض الناشطين قولهم ان "التقارير الاعلامية حوله هي التي جعلته مهماً"، في حين "كان شادي المولوي رجلاً بسيطاً"، كما يقول الشيخ سالم الرافعي، الذي تابع قائلا: كانت "السلطات تتعمّد تحويل أشخاص عاديين إلى عدائيين، لاستخدامهم لإخافة الناس"!..

في حين يقول النائب معين المرعبي إنّ "قصة المولوي ليست فريدة من نوعها. فمعظم الشباب من أحياء طرابلس الفقيرة لا يزيد مدخولهم الشهري عن 200$، ومن أجل تحقيق مدخول أكبر بقليل قد يعمد البعض "الى تنفيذ الأعمال القذرة بالنيابة عن أي شخص آخر"... وأضاف المرعبي: "لا أفهم لماذا لا يستطيعون إلقاء القبض عليه. طالما أنهم نجحوا في اعتقاله مرّة، يجب أن يكونوا قادرين على اعتقاله مرة أخرى، أليس كذلك؟..

بدوره قال النائب اللبناني السابق مصطفى علوش إنّ المولوي ومنصور كليهما يفتقران الى الكاريزما والثقافة لكي يُقيما ميليشيا تشكّل تهديداً حقيقياً... كما قالت بعض المصادر الأمنية للإعلام. "لم يجمعوا أحداً حولهما. ربما عشرين شخصاً؟ هذا يُعتبر لا شيء إذا ما فكّرت بأنّ عدد سكان طرابلس 600000 نسمة"... "إنهم أدوات، أدوات بسيطة تخدم مصالح الغير". كما قال أحد الناشطين للموقع.

وفي السياق الامني تناولت "صحيفة العربي" الجديد اللندنية، الوضع في مخيم عين الحلوة، موجهة اتهاما لبعض وسائل الاعلام اللبنانية التي تشن حملات هادفة على المخيم "متهما أهله بالإرهاب تارة، واحتضان الإرهابيين الفارين من وجه العدالة والقانون تارة أخرى"... في وقت توافقت فيه اللجنة السياسية العليا المشتركة لكل الفصائل "الوطنية والإسلامية" في مخيم عين الحلوة، على تشكيل قوة أمنية عسكرية، مهمتها حفظ أمن المخيم والمواطن، إضافة إلى أمن الجوار، بمباركة لبنانية أمنية وسياسية.

وأشارت الصحيفة إلى مخاوف الفلسطينيين من تكرار "السيناريوهات الأمنية" من تل الزعتر الى اليرموك، التي باتت هاجس كل فلسطيني مقيم في المخيم، في حين أن الفلسطينيين مجمعون على الا يوجه سلاحهم الا باتجاه العدو الصهيوني، وانهم يرفضون ايواء اي "فار من وجه العدالة"، بالقدر الذي يرفضون فيه تحويل المخيم الى مقر أو ممر لاية اعمال تخريبية تستهدف المخيم او الجوار.

وشددت الصحيفة على اهمية وضرورة "التنسيق الجدي والفعلي بين المؤسسات اللبنانية والفلسطينية (الأمنية والسياسية)، لتلافي هذا المخطط البشع"... ودعت الصحيفة السلطة اللبنانية الى "الإمساك بوسائل الإعلام اللبنانية التي تصب الزيت على النار، فالملف معقد جداً، ويجب التسوية السريعة من المعنيين، بعيداً عن وسائل الإعلام، وعن تقارير المخبرين والمرتشين الفاسدين الذين يعرضون المخيم والجوار لهزة أمنية، ومواجهة عسكرية لا يحمد عقباها".

اللاجئون الفلسطينيون من سوريا

أما صحيفة "السفير" فتناولت بالتفصيل والتحليل قضية اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا الذين "تحوّلوا لاجئين مرة جديدة إلى لبنان. حملوا معهم كلّ ذكريات القهر المتراكمة منذ النكبة عام 1948، ليجدوا أن القهر يُمكن أن يكون أكبر"...

وقالت إن اللجوء الفلسطيني من سوريا إلى لبنان، بدأ في نهاية العام 2012، مع بدء معركة مخيم اليرموك في العاصمة السورية دمشق. ثم ارتفع العدد تدريجياً ليصل إلى ثمانين ألفاً في الأشهر الأولى من العام 2013، ثم بدأ بالإنخفاض تدريجياً ليصل إلى نحو 44 ألفاً في نهاية العام 2014 بحسب أرقام "الأونروا".

وقد شكّلت الإجراءات التي اتخذها الأمن العام اللبناني السبب الأبرز لهذا التراجع، إذ بدأ منذ الفصل الثاني من عام 2014 باتخاذ سلسلة من القرارات ثم التراجع عنها، وكان أبرزها الطلب إلى شركات الطيران العالمية عدم نقل أي لاجئ فلسطيني (يقيم في سوريا) إلى لبنان من أي بلد في العالم، وبغض النظر عمّا يمتلكه من أوراق. ثم منع الأمن العام دخول الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، كما شدّد إجراءات تجديد الإقامة للموجودين هنا، وقلّص مدة هذه الإقامة.

وانتهى الأمر بفرض الحصول على تأشيرة دخول مسبقة (شروطها تعجيزية). ولم تكن هذه الإجراءات كلها مكتوبة، بل ان عدداً منها أبلغ به الفلسطينيون عند النقاط الحدوديّة شفهياً، ومن دون أي وثيقة رسميّة. وقد أدت إلى فصل عدد من العائلات بين لبنان وسوريا، ودفعت بالعديد من هؤلاء اللاجئين إلى اعتماد التهريب بحراً إلى أوروبا، مع كلّ ما يحمله من مخاطر!..

المصدر: وكالة القدس للأنباء