عين الحلوة: عويس يموت.. ولا سقف يؤوي عائلته
ناشدت أم علي أصلان «الأونروا» قبل أيام مدّ يد المساعدة لها من أجل إعادة تأهيل منزلها، بعدما تساقطت عليها أجزاء من السقف الذي تقيم تحته في حي حطين داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين. قصة أم علي، التي نجت من الموت فتحت على قضية أكثر إيلاماً، تتعلق ببيوت متهاوية، ليس لقاطنين محرومين من الوساطات والمحسوبيات في المخيم من قدر سواها، في انتظار أن تقع على رؤوسهم.
حسين نايف عويس الذي فارق الحياة قبل رأس السنة، كان يقيم في منزل مؤلف من غرفتين ومطبخ وحمام. كان يحلم بأن يعود إلى فلسطين، وإلى أن تتحقق العودة، كان همه الوحيد أن يؤمن منزلاً ﻷسرته بعيدا عن الرعب في البيت الذي يقطنه، كونه لا يحمل الحد اﻷدنى من مقومات البيوت.
زوار منزل العويس يؤكدون «ما ان تدخل البيت تتفاجأ بأن السقف مسنود بدعامة حديدية خوفاً من انهياره». كان حسين يخشى فقدان أحد أفراد أسرته خلال الليل، «ﻷن لا مكان للمنامة سوى بين دعائم الحديد، فيما يتحول البيت في الشتاء إلى مستنقع ماء ما يدفع أفراد العائلة إلى حماية محتويات المنزل المتواضع من المياه».
اللجان الشعبية في المخيم زارت البيت وأكدت «أن لا مكان آخر لهذه الأسرة تأوي إليه، سوى الخضوع والقبول بالامر الواقع المرعب والبقاء في ذلك البيت، بالرغم من وجود خوف دائم من حصول انهيار فيه». وأشارت اللجان في تقرير لها، إلى أن «المأساة مستمرة منذ عشرة أعوام، بالرغم من تكرار تقديم الطلبات إلى الأونروا من أجل الموافقة على إعادة إعمار المنزل وغيره من البيوت المهددة بالانهيار، والتي هي بحاجة لإعادة تأهيل وترميم. إلا ان الموافقة على تلك الطلبات كانت تصطدم بالعراقيل الإدارية والروتينية، عدا المحسوبيات والوساطات لدى القسم المعني في الوكالة بأعمال الترميم والإعمار».
وبالنسبة لبيت عويس، فقد بقي على تلك الوضعية من المعاناة إلى أن تمت الموافقة على إعادة اعماره مع بداية العام 2013، بعدما أدرج اسمه في أعلى قائمة المنازل المشمولة بالإعمار والترميم وإعادة التأهيل من قبل «الأونروا»، وعددها مئتان وسبعة وستون منزلاً، بعدما قدمت الدول المانحة مبلغاً خصص لذلك. الناشط الفلسطيني عدنان الرفاعي يشير إلى أن حسين العويس وقف وسط منزله صارخا من الفرح، وفق ما أبلغتنا عائلته، قائلا: «الآن جاءتني موافقه الإعمار وستنتهي أزمة عائلتي مع الرعب وتخرج من الخوف ومن بهدلة اﻷمطار». لكن حسين اصطدم بسياسة المراوغة التي تعتمدها «اﻷونروا»، إذ إن فيها «لفّا ودورانا»، بحيث طال انتظاره للبدء بورشة الإعمار التي لم تبدأ.
كما غابت عنه «سياسة الوساطات والمحسوبيات، حيث بوشر بالإعمار والترميم في عدد من البيوت، ولم يكن اسمه من بين أصحابها، وبقي القسم المعني بهذه الورشة في الوكالة يقذف به من دفعة إلى دفعة لمدة سنة وسبعة أشهر، حتى وافته المنية قبل نحو شهر، من دون أن يتحقق حلمه في إيجاد منزل آمن لأسرته. وبقي حسين حتى آخر لحظات حياته يقول: «من لا ظهر له أو واسطة لا يتعب، لأنه لن يتغلب على سياسة اﻷونروا في المحسوبيات».
محمد عويس، ابن حسين، يقول: «والدي ذاق اﻷمرين وهو يراجع اﻷونروا من أجل إعادة إعمار منزلنا، لكن كان في كل مراجعة يقول إن شاء الله خير، ووعدوني بالبدء بالإعمار». يضيف: «بكل أسف، لم نحصل على شيء حتى وفاة والدي ولم نرَ حتى الترميم . ذلك أثر في والدي حتى وافته المنية، ونحن نقول من بعده: الذي له واسطة في اﻷونروا ينال ما يريد، أما من ليس له واسطة فلا يحصل على الحد اﻷدنى من حقوقه».
مسؤول «لجان حق العودة» فؤاد عثمان أكد «أن منزل حسين عويس لم يكن صالحا للسكن منذ سنوات، ونحن قمنا بإحضار مدير المخيم إلى المنزل وشاهد مأساة عويس، وتفاجأ بحجم الأضرار التي لحقت به والخطورة المترتبة على حياة الأسرة».
ويشدد عثمان على أن «اسم المتوفى حسين العويس كان يحمل الرقم واحدا في لائحة البيوت التي نالت الموافقة على الإعمار بسبب سوء وضع المنزل، لكن اﻷونروا بقيت تمــــاطل في إدراج اسمه للبدء بإعماره تحت شعارات وعنــاوين مختلفة بهدف تبرير سياسة التمييز لديها لإرضاء من لهم نفوذ».
المصدر: محمد صالح - السفير
أضف تعليق
قواعد المشاركة