شيماء فتاة صماء تنطق لوحاتها بمعاناة فلسطين

منذ 8 سنوات   شارك:

طفلتان خلف القضبان تبكيان من أوجاع الأسر، وأخرى تنظر بأمل إلى شمعة مضيئة في مكان مظلم، وبينهما تُفتَح أبواب القدس لتظهر قبة الصخرة، لكن جداراً صلباً تعلوه أسلاك شائكة مثبتة بين الأحجار، يمنع الوصول إليهم ويحجب الحرية عن المسرى والأسرى.

مكونات ثلاثة في لوحة كبيرة برزت في واجهة معرض "وطني بريشتي" للفتاة الصماء شيماء نطط، حيث سيطر سواد قلم الرصاص التي رسمت به على تفاصيلها، دون أن تصبغ بالألوان المائية الاعتيادية، في محاولة للتعبير عن سوداوية واقع قضيتي القدس والأسرى التي لن تفلح الألوان -مهما بلغت احترافية مزجها- في التعبير عن مأساتهما.

ورغم القدرة التعبيرية العالية التي تميزت بها هذه اللوحة ولفتها انتباه كثيرين من زوار المعرض، فإن اللوحة الأكثر ارتباطاً بالمبدعة الصغيرة كانت لوحة الفلسطيني الذي يقبض بقوة على علم وطنه وهو يحتضنه ويقبله، بينما تزين الكوفية رأسه بدون ظهور وجهه، لتبرز فلسطين ويختفي ما دونها.

وتجسد هذه اللوحة واقع الفلسطينيين المتمسكين بأرضهم ووطنهم، مهما تعددت صنوف المعاناة التي يكابدونها، في إشارة إلى فشل كل محاولات الاحتلال لانتزاع فلسطين من قلوب أبنائها، مثلما تبين شيماء التي مضت جل وقتها بجانب لوحتها هذه.

الحرب والحصار

وتقول شيماء للجزيرة نت بلغة الإشارة التي كانت تترجمها أمها، إنها عمدت إلى إبراز فشل الحرب والحصار والمعاناة في ثني الفلسطينيين عن تصعيد جذوة انتفاضة القدس ومقاومة الاحتلال، فهذه اللوحة نتيجة حتمية للتفاصيل الحزينة التي تجسدها بقية اللوحات وفق قناعتها.

وتضيف -بتعبيرات يديها القوية وتفاصيل وجهها الغاضبة- أنها أرادت في مرات كثيرة الصراخ ليسمع العالم صوتها من حجم آلامها التي عايشتها خلال الحرب الأخيرة على غزة، لكن عجزها عن الكلام ظل حائلاً أمامها، حتى جاءت انتفاضة القدس ورأت كيف يصفي جنود الاحتلال الأطفال بدم بارد، لتقرر التعبير عن أوجاعها عبر رسوماتها الفنية.

بيد أن الغضب الذي سيطر على محيا شيماء لبرهة من الوقت، لم يستمر طويلاً وهي تقرأ في وجوه زوار معرضها عبارات الثناء والإطراء لفتاة صماء لم تنجح في التعبير عما يدور بخلجات صدرها فحسب، وإنما برعت كذلك في تلخيص معاناة شعبها في 33 لوحة فنية.

فطفولتها البريئة ومعاناة أقرانها الصم لم تحظيا بالنصيب الأكبر من لوحاتها كما كان متوقعاً، حيث سيطرت هموم الوطن بأكمله على تفاصيل رسوماتها، كمشاهد انتفاضة القدس والفرار من القصف والبكاء على الشهداء، إضافة إلى عذابات التهجير وتدمير المنازل وغيرها.

حس وطني

وتعكس هذه اللوحات تعاظم الحس الوطني لدى الفنانة الصغيرة، وتأثرها البالغ بتصاعد انتفاضة القدس، لدرجة الارتباط الوجداني بينها وبين الشهداء الذين تحلم بهم في نومها، وفق سعاد عوض معلمة التربية الفنية المشرفة على شيماء.

وبينما توضح المعلمة في حديثها للجزيرة نت مواجهتها لصعوبة بالغة في إقناع شيماء بإدخال الألوان على لوحاتها، لإحساسها بأن سواد قلم الرصاص يكفي لتجسيد مشاعرها برسوماتها، تؤكد امتلاكها لحس فني عالٍ برز في سلامة أبعاد لوحاتها ودقة مكوناتها وتناسق ألوانها.

ومثلما حضرت معالم المأساة في لوحات المعرض، لم يغب الأمل بسفينة العودة وشارة النصر والمصالحة، والعصافير التي تطير فرحة بحريتها بين أغصان الأشجار، بينما تنطلق الفراشة فرحة كالعروس يوم زفافها.

 

المصدر: الجزيرة 



السابق

نساء يمتهنّ "النجارة" لصنع ألعاب للأطفال في غزة

التالي

نقابات عمال فلسطين تدعو لبنان لإنصاف الفلسطينيين بحقوقهم


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.