الاحتلال يُغرق نازحي غزة
منذ بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي حتى اليوم، يعيش النازحون في غزة كلّ يوم أسوأ مما سبق. هم لا يملكون المقومات التي تجعلهم يصمدون في مثل هذا الطقس البارد. فلا مدافئ أو أغطية أو فرش ولا حتى منازل آمنة لديهم. وحتى الكرفانات تهددهم بالوقوع، والخيام تتشبع بمياه الأمطار. ومع ذلك، يفتح الاحتلال سدود المياه ويغرق المناطق الحدودية شرق خانيونس ورفح، ما يجعلهم يعيشون في كارثة حقيقية مزدوجة.
في اليوم الأول من السنة الجديدة فتحت قوات الاحتلال السدود التي تجمع مياه الأمطار والفيضانات من جميع الأراضي المحتلة، فغزت المناطق الشرقية من مدينة خانيونس ورفح جنوب القطاع، خصوصاً في حي الفراحين الذي دمر بالكامل خلال العدوان الأخير. في هذا الحي يعيش معظم السكان في خيام، وآخرون في بيوت قديمة جداً. وبالفعل، أغرقت المياه عشرات الخيام والبيوت التي تهدمت بعض جدرانها.
من جهته، تفاجأ فلاح أبو خاطر (46 عاماً) يوم الجمعة الماضي بغرق خيمته التي حصل عليها بدعم من دولة خليجية قبل عام ونصف. وجد نفسه وأبناءه الخمسة وزوجته خارج الخيمة يبحثون عن ملجأ لهم، بينما ملابسهم مبتلة من الأمطار. لجأ إلى كرفان أخيه الناجي من الغرق في أول الحي. وضع أطفاله هناك، وعاد يحاول تجفيف الخيمة وتصليحها.
يشير أبو جامع إلى أنّ السيول داهمت نحو 15 منزلاً من المنازل القديمة في الحي. وهو ما أدى إلى انهيار عدد من جدران المنازل، كما تصدعت جدران معظم المنازل الأخرى. فهربت غالبية الأسر.
يقول لـ"العربي الجديد": "13 خيمة غرقت في 10 دقائق خلال فتح الاحتلال للسدود. وفي الخيام كلّ الأغطية والفرش والملابس والمؤونة الخاصة بأصحابها. أكثر من 100 فرد هجروا منها وباتوا في منازل أقربائهم ولم تصل أي جهة رسمية لتبحث أيّ حل معهم". كما يفيد أحد سكان الحيّ أنّ 50 بيتاً قديماً غرقت، منها منازل أسقفها ألواح من الحديد.
كذلك، فاضت خطوط الصرف الصحي في الشوارع الرئيسية المحاذية للمناطق الشرقية في خانيونس، واختلطت بمياه المطر، ما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه في برك تجمع المياه الآسنة في حي الزنة وبني سهيلا وخزاعة. وبسبب ذلك، تركت عشرات العائلات منازلها واستقرت في بيوت أقارب لها على الشوارع الرئيسية لصلاح الدين نظراً لارتفاع المنطقة عن تجمعات المياه. ولاحقاً عاد بعضهم لكنّ آخرين لم يتمكنوا بعد.
يشير أحمد أبو جامع (50 عاماً) الذي يسكن في كرفان في منطقة الزنة، إلى أنّ الشوارع باتت طينية كلها، وهو ما أعاق دخول سيارات الدفاع المدني لإنقاذ عشرات الأسر من الغرق. ويشكل الأمر كارثة للسكان مع غرق كلّ ما يملكونه من أثاث داخل الكرفانات والبيوت المحاذية.
يقول لـ"العربي الجديد": "لا يمكن أن نصبر أكثر. فصل الصيف يأتي صعباً والشتاء أصعب. كأنها أشباح تهب علينا وسط الليل. استمرار الوضع على ما هو عليه يعني الموت البطيء لعشرات الآلاف من النازحين".
أثرت الموجة الباردة كذلك على ابنة أبو جامع وعمرها عام واحد. نقلت ليلة الأحد إلى المستشفى نتيجة نزلة معوية حادة ترافقها إنفلونزا شديدة. أكد الأطباء أنّ حالتها خطيرة نتيجة مضاعفات مرضية داخلية مع اشتداد البرد، وأنّها بحاجة إلى علاج مكثف على مدار 48 ساعة، وتحتاج بعدها إلى دفء منزلي. لكنّ الأب لا يستطيع توفير المنزل ولا الدفء بعد غرق كرفانه.
كما تضررت مناطق شرق رفح جنوب القطاع من العواصف وفتح سدود الاحتلال، كونها تقع على نفس خط المياه الآسنة. يقول أحمد العف الذي يسكن في حي زلطة شرقي رفح: "هذه المناطق تغرق دائماً كون تربتها شبه صحراوية. لكنّها مهمشة ولا يتحدث عنها أحد خصوصاً أنّ عدد سكانها قليل، ومنها بالذات منطقة البدو على الحدود".
عمليات الدفاع المدني
نفذ الدفاع المدني الفلسطيني أكثر من 35 مهمة بسبب موجة البرد والأمطار منذ صباح الخميس الماضي في مناطق متنوعة من القطاع. وذكرت إحصائية صادرة عن مديرية الدفاع المدني أنّ طواقمه شفطت المياه من 10 منازل في رفح وخانيونس، وتعاملت مع 5 منازل تطايرت من فوقها ألواح الصفيح، وأخلت 5 منازل أخرى. كما سحبت 8 سيارات مدنية عالقة في الشوارع، وأزالت 7 أشجار سقطت في الطرقات.
المصدر: العربي الجديد
أضف تعليق
قواعد المشاركة