الذكرى الأولى للحرب: سكان غزة ما زالوا يعيشون كابوس الخوف ويتذكرون لحظات الموت

منذ 9 سنوات   شارك:

لم تكد ساعات يوم السابع من يوليو/ تموز من العام الماضي قد أنهت دورانها، حتى شنت المقاتلات الإسرائيلية عشرات الغارات الجوية الدامية ضد أهداف متفرقة في قطاع غزة، فمزقت أجساد العشرات من الأطفال والنساء والشبان، إيذانا بحرب جديدة أعلنت عنها حكومة تل أبيب، وأسمتها «الجرف الصامد»… حرب دامت 51 يوما، لم يعرف خلالها سكان قطاع غزة طعما حقيقيا للنوم ولا الراحة، بسبب بشاعة الهجمات وارتفاع أعداد الضحايا والمصابين.

في مثل هذا اليوم من العام الماضي كان سكان قطاع غزة – وهو شريط ساحلي صغير تحاصره إسرائيل منذ ثماني سنوات – على موعد مع حرب إسرائيلية لم يسق لها مثيل من ناحية حجم الدمار الذي خلفته وأعداد الضحايا من المدنيين والأطفال، وسط صمت دولي لم يرق وقتها إلى حجم المأساة التي عاشها السكان على مدار أيام الحرب التي اقتربت من الشهرين.

ولا تزال ذكريات تلك الحرب المريرة حاضرة عند صغار غزة قبل كبارها. فحجم الدمار وعدد الغارات الدامية ومشاهد الموت ورائحة الدم والبارود لا تزال حاضرة في مخيلة السكان، الذين ما زالوا يشاهدون آثار الحرب في المباني المدمرة وفي أعين العوائل الثكلى وفي آلام المصابين والمعاقين. فلا زالت مشاهد المنازل المدمرة على حالها في كثير من مناطق غزة. ولا زال هناك مصابون يرقدون على أسرة العلاج في المشافي لخطورة وضعهم الصحي. ولا زال هناك مئات المعاقين ممن بترت أطرافهم بسبب تلك الغارات الدامية. وحتى وقت قريب كان يعلن عن وفاة مصابين من تلك الحرب التي خلفت نحو 2200 شهيد، وأكثر من 11 ألف مصاب، علاوة على تدمير عشرات آلاف المنازل بصورة كلية وجزئية.

ويقول سكان حي الشجاعية وتحديدا من دمرت منازلهم، انهم و أطفالهم لا تزال مخيلتهم مليئة بذكريات الحرب، وإن الخوف من شن إسرائيل حربا أخرى جديدة لم يفارقهم. وهؤلاء السكان خرجوا وقت التوغل البري لقوات إسرائيل البرية من رحم الموت، وفروا إلى وسط المدينة.

وتعيش أسر كثيرة من الحي الآن في منازل صغيرة مستأجره بدلا من بناياتها السكنية التي دمرت في تلك الحرب، وينتظرون كما يعلقون دوما «الفرج القريب» لبدء عملية الإعمار الكلي للمنازل المدمرة.

موت من الجو والبحر

تعود بداية تلك الحرب إلى ليلة السابع من يوليو، حين شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية النفاذة، والزوارق الحربية عدة هجمات بالصواريخ المدمرة على سائر مدن ومخيمات وبلدات قطاع غزة، إيذانا ببدء تلك الحرب التي أعلن عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ولم يكن أحد يتوقع أن تطول مدة الحرب عن تلك التي سبقتها في عام 2012، بأن تدوم تلك الهجمات أسبوعا على أبعد تقدير، مرجعين السبب إلى ضغوطات عربية وتدخلات أجنبية تحول دون إطالة مدة القتال.
غير أن الواقع كان مخالفا لذلك. فبدلا من الأسبوع والأسبوعين دامت الحرب 51 يوما، استغلتها قوات الاحتلال في إحداث المزيد من عمليات القتل والتشريد والدمار، متسلحة بغياب الإرادة الدولية والضغط العربي لوقف عمليات القتل ضد المدنيين في غزة.

… ومن البر

لم تمض سوى أيام على تلك الحرب، حتى اتخذ قادة إسرائيل الذين أداروا الحرب قرارا بالتصعيد، قرار دفع قواتهم البرية للدخول على طول الحدود البرية الشرقية للقطاع. فتجددت المعارك وسقطت أعداد كبيرة من الضحايا، واستبسل مقاتلو المقاومة في التصدي لتلك القوات، وأوقعوا فيها خسائر وتمكنوا من أسر جنود من أرض المعركة.

دمار شامل

عاش سكان غزة خاصة مناطق الحدود مآسي الهروب والموت، فخطة الدخول الإسرائيلية اعتمدت على التدمير الكامل للمناطق التي تمركز فيها الجنود والدبابات، فشهدت مناطق الشجاعية وبيت حانون وخزاعة ومناطق حدودية أخرى خرابا كبيرا، دمرت خلالها الطائرات النفاذة والمدفعية والجرافات مساحات واسعة من المناطق المأهولة علاوة على المناطق الزراعية، فدفعت بالناس للنزوح القسري، ملاحقين بصواريخ الموت التي قتلتهم خلال الفرار نفسه. وقد سجلت كاميرات المصورين لحظات الموت والقصف في حي الشجاعية وبلدة خزاعة لمن تمكن من الفرار.

وحتى في المدارس التي جرى إعدادها لتكون «مراكز إيواء»، للمشردين والتي احتضنت وقتها نحو نصف مليون من سكان غزة، البالغ عددهم نحو 1.8 مليون نسمة، ذاق خلالها هؤلاء ويلات القتل والموت من جديد، حين لاحقتهم صواريخ إسرائيل وهم داخل هذه المراكز التي كانت ترقع أعلام الأمم المتحدة.

إبادة العائلات

لم تنفك الحرب البرية التي عاثت فيها قوات الاحتلال فسادا، إلا مع أول «تهدئة إنسانية» جرى التوصل إليها لمدة ثلاثة أيام، بطلب الأمين العام للأمم المتحدة، والتي سرعان ما انقضت لتبدأ إسرائيل عقبها بشن غارات أكثر دموية ضد سكان غزة، فعمدت إلى تكثيف الغارات الجوية ضد المنازل المأهولة، فارتكبت العديد من المجازر في حرب سميت وقتها «حرب إبادة العائلات»، فمسحت بشكل كامل نحو 60 عائلة من السجل المدني، بقتل كل أفرادها.

ففي مناطق جنوب القطاع قتلت أسرة من عائلة أبو جامع بكامل أفرادها، وقتلت كذلك أسرة من عائلة الأسطل، وعوائل أبو زيد وكوارع وغنام، وزعرب. وفي مناطق الوسط قتلت أسرة من عائلة النواصرة ومن غزة عائلة بكر والبطش، وغيرها الكثير من العوائل.

وحتى قبل لحظات من انتهاء الحرب والدخول في التهدئة التي أعلن بناء على وساطة مصرية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، ووقعت في 26 أغسطس /اب من العام الماضي، ظل الفلسطينيون في غزة على امتداد مناطقه ينتظرون الموت لحظة بلحظة، في ظل غارات وهجمات شاركت فيها كل قطاعات الجيش الإسرائيلي ضد القطاع.

إعمار مؤجل

تلا الحرب أن عقد مؤتمر للمانحين في العاصمة المصرية القاهرة، جرى خلاله التبرع بمبلغ مالي كبير وصل إلى 5.4 مليار دولار من أجل إعمار القطاع، وتم دفع مبالغ مالية لعديد الأسر التي تضررت منازلها جزئيا، غير أن عملية الإعمار الكلي للمنازل المدمرة بشكل كامل لم تبدأ.

ولاقى قرار التأخير الدولي في إعمار غزة في ظل حصار إسرائيلي مشدد على حركة دخول مواد البناء، تذمرا كبيرا من السكان، وخرجوا في تظاهرات غضبة ضد الأمم المتحدة التي وضعت خطة الأعمار، التي لا تلاقي استحسانا من الفصائل الفلسطينية أيضا. لكن الذكرى الأولى لهذه الحرب تأتي في ظل أحاديث ووعود من العديد من المسؤولين الدوليين والمحليين عن قرب بدء عملية الإعمار الكلي لغزة.

ونقل عن روبرت تيرنر، مدير عمليات «الأونروا» الذي يستعد لمغادرة منصبه خلال أيام، القول إن إعادة إعمار القطاع ستشهد تغيرا كبيرا خلال الأسابيع المقبلة، وذلك بعد أن جرى حل الإشكاليات التقنية.

وترافق ذلك مع إعلان مسؤول محلي عن وجود موافقة إسرائيلية مبدئية على الدفعة الأولى من المنازل المدمرة كليا.

غياب الإنصاف

كذلك تحل الذكرى الأولى للحرب في ظل تحركات دولية تهدف إلى إبرام «تهدئة طويلة الأمد»، بين حركة حماس وإسرائيل، يؤمل أن تمتد لأكثر من عشر سنوات.

ولم ينصف التقرير الذي أعدته اللجنة الأممية الخاصة بحقوق الإنسان والذي صدر قبل أيام ضحايا الحرب، اذ ساوى في كثير من بنوده بين سكان قطاع غزة الذين ذاقوا ويلات الموت والتشريد والدمار، وبين الجلاد الإسرائيلي.

وذكر التقرير أن إسرائيل ارتكبت عمليات قتل ترتقي لـ»جرائم حرب».

وتتطلع الأسر الثكلى في غزة لأن تتم محاسبة ومعاقبة قادة إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية على ما اقترفوه من عمليات قتل و»جرائم حرب» خلال العدوان.

 

المصدر: القدس العربي 



السابق

ندوة لمركز العودة الفلسطيني في مجلس اللوردات البريطاني

التالي

الاحتلال يوافق على إدخال مواد بناء لإعمار 663 وحدة سكنية في غزة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.