.. وتبقى الإعاشة آخر ملجأ لفقراء المخيمات ومن بينها مخيم عين الحلوة، لكن تقليصها وحرمان البعض منها من قبل الأونروا، يضيف ضائقة إلى معاناتهم القاسية، ما الأسباب والخلفيات الحقيقية التي تقف وراء هذه الضغوط؟ وكيف يمكن معالجتها، ما رأي المعنيين والمستفيدين والمحرومين من الإعاشة، وما هي مطالبهم؟

للإجابة على هذه الأسئلة وغيرها، أجرت "وكالة القدس للأنباء" التحقيق التالي:

بين التقليصات المتزايدة للمواد التي توزعها "الأونروا" في الإعاشة، وشكاوى المواطنين من المعايير المختلة والخضوع "للواسطات" في إلحاق المواطن ببرنامج "الشؤون"، يقول مسؤول في وكالة "الأونروا" لـ "وكالة القدس للأنباء" إن عدد الذين يتلقون مساعدات الإعاشة من قبل "الأونروا" في مخيم عين الحلوة يبلغ حوالى عشرة آلاف وأربعمئة لاجئ فلسطيني (10400)، مشيراً إلى أن عدد سكان المخيم وفق تسجيلات الوكالة الدولية هو أكثر من ستين ألف (60000) عائلة.

واتهم عضو اللجنه الشعبية بعين الحلوة عدنان الرفاعي عبر "وكالة القدس للأنباء"، قسم الشؤون الاجتماعية في "الأونروا" بـ "الفشل في تنفيذ برنامجه الجديد تحت عنوان الفقر المدقع والمطلق"، وأن قسم الشؤون لا يزال "يعيش حاله من الفوضى والتخبط منذ إقرار البرنامج"، رغم أنه "وعد بزيادة التقديمات لحالات العسر الشديد".

ودعا عضو اللجنة الشعبية في عين الحلوة عدنان الرفاعي، الأونروا أن لا تطبق دراسة "الشؤون" التي نفذتها في الأردن على اللاجئين في لبنان، لأنها غير سليمة ولا تراعي معاناة الفلسطيني اللاجئ والمحروم من أبسط حقوقه الإنسانية.

والسؤال المطروح اليوم: كيف تتعامل الأونروا مع المحتاجين الفلسطينيين؟

يقول علي حسين حسن (50 عاما، مدرس)، "كنت أعطي دروسًا خصوصية في البيت بعد التعرض لإصابة جعلتني أتقاعد عن التعليم في المدارس، ولي أسرة مكونه من 5 أولاد؛ إثنان في الجامعة والباقي في المدارس، لكن المشكلة أن وكالة الأنروا أصبحت تتعامل مع اللاجئ الفلسطيني حسب الواسطة التي تتبنى الشخص... حتى تستطيع الحصول على الإعاشة".

وأضاف "لقد أصبح النظام في الأونروا حسب المحسوبيات لا حسب الاحتياجات، عدد كبير من العائلات المحتاجة محرومة من حقها الشرعي والقانوني، وفي السياق نفسه وبصراحة مطلقة هناك عائلات تأخذ المساعدة من قسم الشؤون بسبب الحماية المتوفرة لها. وحاليًا ظروفهم تغيرت وتحسنت وهم ليسوا محتاجين إليها أصلا".

ويوضح: "لو أردنا البحث عن الذين يأخذون الإعاشه من غير المحتاجين لوجدنا الكثير منهم من الطبقة العليا في المجتمع ومن الذين أوضاعهم الاقتصادية جيدة، ولو نظرنا في العين الأخرى إلى البشر الذين حرموا منها لوجدناهم أناساً محتاجين ليس لهم سوى الله عز وجل".

أما جمال شريدي (47 عامًا) متزوج وله خمسة أبناء، ويعاني من انحناء في العمود الفقري ويخزّن جسمه الماء بجزء من أطرافه مريض هو وزوجته في الضغط والسكري، يقول: "لقد قدمت طلباً للشؤون منذ ٣سنوات، وزارني وفد من قسم الشؤون وحتى الآن دون نتيجة".

وقال شريدي: "إنني أدعو الأونروا للقيام بدورها ومساعدتي أسوة بأبناء شعبنا الفلسطيني الذين يستلمون معونة إعاشة بشكل مستمر، كما طالب جميع المؤسسات العاملة في الوسط الفلسطيني للاطلاع على وضعه الصحي والوقوف إلى جانبه.

وقال أحمد يوسف الجراد من مواليد العام 1971 متزوج ولديه 3 أبناء وهو عاطل عن العمل منذ 3 أعوام، ومريض في الأعصاب، إنه قدّم طلباً لإدارة شؤون "الأونروا" مع جميع المستندات المطلوبة ولكن حتى الآن دون نتيجة. ودعا الحريصين أن يقدموا له يد العون من أجل مساعدته.

وقدمت الحاجه أم عماد (68 عامًا)، طلبًا لدائرة الشؤون في "الأونروا" منذ مدة طويلة، وعندما تراجعهم يتهربون منها، ويكون الجواب "قريبًا"، وحتى هذه اللحظة لم تحصل على الإعاشة.

"واسطات ومحسوبيات"

ويُرجع المعنيون أمر عدم إعطاء "الإعاشة" لكثيرين ممن لا يستحقونها إلى وجود "الواسطات والمحسوبيات والرضوخ لتهديدات نافذين"، وأوضح أمين سر القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة الشيخ جمال خطاب، لـ "وكالة القدس للأنباء" أن وجود "واسطات" في إدارة "الأونروا" بمختلف الوظائف والمهن، ودخول "الواسطة" في الشؤون التي من المفترض أن تقدم المساعدات للعائلات الأكثر حاجه وحرماناً، بالإضافة إلى تهديدات تتلقاها هذه المؤسسات من البعض من أجل توظيف أناس على حساب من هم أكفأ منهم هو عمل مدان، ويجعل الفساد والمحسوبيات والقوة التي يستعملها البعض لتنفيذ مصالحه على حساب مصالح الآخرين غير شرعية ولا قانونية.

الكيل بمكيالين

وزاد عدنان الرفاعي لـ "وكالة القدس للأنباء" أن "الأونروا" تكيل بمكيالين عندما تستعين بموظفين أجانب بمخصصات مرتفعة على حساب أصحاب الكفاءات من أبناء شعبنا الفلسطيني، هذا عدا عن وجود "الفساد المستشري بكل مرافق ومؤسسات وإداراتها، التي تطبق أصلًا قوانين حسب حاجتها، وعلى قياسها وبدون أدنى مسؤولية، ولا حسيب أو رقيب".

من جهته، أشار عثمان إلى أن حوالى ألف عائلة قد حصلت على الموافقة على طلبات الشؤون من "الأونروا" منذ سنه، لكن تحت ذريعة عدم وجود أموال، فإن هذه العائلات لم تستلم موادها التموينية.

ودعا عدنان الرفاعي "الفصائل الفلسطينية للتوافق على صيغة موحدة وميثاق شرف يلزم الجميع باحترام أصحاب الخبرة والكفاءة من أبناء شعبنا، والالتزام بمصالح الناس".

إن وجود "الأونروا" ضروري ومهم لكونها شاهداً على قضية شعبنا الفلسطيني الذي أُخرج من دياره، لذا المطلوب منها اليوم، المزيد من الدعم لشعبنا وأخذ دورها كاملًا في الغوث والتشغيل وتأمين الحياة الكريمة لأبناء شعبنا.

المصدر: القدس للأنباء