المركز الفلسطيني للإعلام: ما أن يحل شهر رمضان الكريم، حتى يهرع الناس إلى الأسواق المكتظة بالبضائع والسلع، لشراء ما لذ وطاب من أصناف الطعام والشراب والحلويات.

تلك العادات المتبعة في الشهر الفضيل أصبحت من ضمن العادات الموروثة والمستحبة لجميع فئات المجتمع على اختلاف مستواهم الاقتصادي والاجتماعي، بحسب مراقبين.

وجرت العادة لدى العائلات النابلسية بتبادل الدعوات والمشاركة بتحضير أصناف الطعام على اختلاف أنواعها، وتناول الإفطار سوياً في أجواء ملؤها البهجة والرحمة، تتخللها من سهرات رمضانية، تقدم فيها الحلويات والمشروبات المتعددة الأصناف.

وبين من يرى أن شراء السلع واستهلاكها يزيد في رمضان أضعافا عن غيره من الشهور، وبين من ينفي ذلك، ويؤكد أن نسبة الشراء انخفضت نتيجة الفائض في كمية الطعام الموجودة.

معدل الاستهلاك

"المركز" استطلع أراء عدد من الخبراء، ويؤكد إياد عنبتاوي مدير جمعية حماية المستهلك، إنه وفي شهر رمضان يقل استهلاك الشخص من ثلاث وجبات إلى واحدة أو اثنتين يوميا.

ويضيف عنبتاوي في حديثه لمراسلنا: "الأصل أن يقل معدل الاستهلاك، فلذلك أغلبية الشركات الغذائية تزيد حركتها فقط في أول أسبوع من الشهر الفضيل، وتقل في وسط الشهر، وتعود حركتها التجارية لتزدهر مرة أخرى في الأسبوع الأخير ما قبل العيد".

ويعزو السبب في ذلك إلى أن نفس الصائم تشتهي ما تطيبه من صنوف الطعام، فتزداد بالتالي حجم مشترياته من السلع التي يكدس أغلبها ولا يستهلكها، بل وأحيانا يقوم بالتخلص منها إذا ما انتهت صلاحيتها.

وأشار عنبتاوي أن المشتريات تزداد بشكل ملحوظ في الشهر الفضيل، إلا أن الاستهلاك يقل، مطالبا المواطنين بضرورة ضبط النفس عند عملية الشراء ووضع قائمة للمشتريات قبل الذهاب للتسوق، يرتب فيها حاجاته ومستلزماته الأساسية حسب الأولوية، ويلتزم بتلك القائمة.

ويشار إلى أن المشروبات الشعبية كالتمر الهندي والخروب والسوس، والحلويات بأنواعها، بالإضافة إلى مستلزمات عمل السلطات والمقبلات كالخيار والبندورة والبقدونس، هي أكثر السلع المباعة بشكل واضح في الشهر الفضيل.

الأسواق في رمضان

المواطن العادي المستهلك وصاحب المحل لهما رأي مختلف حول موضوع عملية الشراء والاستهلاك في رمضان، يقول زاهي صاحب مخبز أيام زمان، أن نسبة بيع الخبز والكعك عادية، لا تقل ولا تزيد في رمضان، لكن السيد نايف شناعة من التل الأخضر للحوم، أوضح أن البيع يزيد في رمضان بنسبة 10_15%، حيث يقبل الناس على شراء الأصناف الرئيسية كالخضار واللبن يومياً.

صاحب محل الخضار، جمال المدني قال: إن البيع يزيد في الشهر الفضيل بنسبة 25_30% خاصة الخس والفجل من الخضار، أما الفواكه فيفضل الناس منها تلك الموسمية، مثل العنب والبطيخ والتين، أما عن الأسعار، فأوضح المدني أن "الحسبة" هي التي تتحكم بها، فإذا كانت البضاعة خفيفة في الحسبة، يزيد السعر والعكس صحيح.

الشاب حسام صاحب محل متواضع لبيع العصير الشعبي، مثل التمر الهندي والليمون والرمان، أكد أن بيع العصائر يزيد بشكل ملحوظ في شهر رمضان، خاصة مع تلك الأجواء الصيفية الحارة.

ويتابع خلال حديثه: الناس تقبل وبشكل ملفت على شراء علب العصير بحيث يصل عدد العلب التي يبيعها يوميا إلى 30 زجاجة، برغم ما يعانيه الناس من قلة الرواتب وغلاء الأسعار".

أما السيد زكي أباظة صاحب معرض أباظة للحلويات، فله رأي مختلف تماماً، حيث اشتكى من قلة البيع وضيق الحال قائلا: "في رمضان الحالي وبعكس السنين الماضية، فالبيع سيء جدا، وهذا بدوره ربما سيشكل لنا أزمة في ميزانيتنا تمثلت بأجور العمال ومصاريف المحل، كما أن زيادة الضرائب الحكومية تنعكس على قلة البيع والشراء وتنتج عن ذلك خسارة كبيرة لنا".

وأضاف، إنه نظرا للظروف الاقتصادية يتجه البعض لشراء أرخص أنواع الحلويات بكميات كثيرة، كما أن ربات البيوت عادة تلجأ لعمل الحلويات كالقطايف والكلاج في البيت، وهذا يضطرنا إلى عدم صناعتها و بيعها في محلنا.

عادات موروثة تناقض الشريعة

وعطفا على ما سبق، تأتي الشريعة الإسلامية كي تؤطر القضية، فيرى الشيخ أحمد شوباش مفتي نابلس، أن نفقات المواطن واستهلاكه يزيد ضعف أو أكثر، وهذا يرجع إلى أن الصائم تتزين له أصناف الطعام في السوق، ويتفنن التجار في عرض تلك السلع، فيشتري أكبر قدر ظانا أنه يمكن استهلاكها جميعها.

ويتابع: "هذه النوعية من السلوك والعادات الرمضانية، هي ثقافة موروثة مقتضاها أن على رب الأسرة الإنفاق في رمضان أكثر من غيره، وكل ذلك يتعارض مع حكمة الصيام، وما أمرته الشريعة في القرآن والسنة".

وشدد شوباش على أن الهدف من فريضة الصيام عن الطعام والشراب هو الشعور بالفقراء والمحتاجين، ومن يعاني من المجاعات في شتى بقاع المعمورة.

"الصيام له فوائد جمة على أعضاء الجسم والجهاز الهضمي والغدد العاملة مثل البنكرياس وغيرها"، ويضيف شوباش: "إذا أتخم المسلم نفسه بعد الإفطار لن يجن شيئا من فائدة صومه، بل من الممكن أن يؤثر بشكل سلبي على جسمه ويسبب له المرض والتعب".

ونوه شوباش إلى أن السنة النبوية الشريفة تدل أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقلل من الطعام والشراب وهو صائم، وكان طعامه يتركز على الرطب، فإن لم يجد فالتمر، وإن لم يجد فيكتفي بشرب الماء، كما أنه لم يكن يتناول اللحوم ولا حتى الفواكه والخضار، وكان يدعو ويبارك الاكتفاء بالقليل من الطعام.