ذاكرة الدم.. 21 ساعة في ميونيخ و42 ساعة في صبرا وشاتيلا
![]() ![]() |
شبكة العودة الإخبارية -ياسر علي
في مثل هذا اليوم 16 أيلول 1982، قبل 40 سنة، ارتكب الاحتلال الصهيوني لبيروت وأعوانه من الميليشيات المتمثلة بالقوات اللبنانية وميليشيا جيش لبنان الجنوبي، مجزرة صبرا وشاتيلا التي قتلوا فيها بالسلاح الأبيض والبلطات والسكاكين آلاف اللاجئين (تراوحت الإحصاءات بين 1200 و 3000 شهيد)، من الساعة 5:30 مساء يوم 16 أيلول، حتى الساعة 11:30 من يوم 18 أيلول 1982.
يتساءل الكثيرون عن سر اختيار صبرا وشاتيلا لارتكاب مجزرة العصر في الصراع العربي الصهيوني، ولماذا لم تتم في مخيمات عين الحلوة أو الرشيدية، حيث لقيت قوات الاحتلال مقاومة عنيفة. يطرح كتاب محمود عبد الله كلّم "صبرا وشاتيلا، ذاكرة الدم" هذا السؤال في بدايته ليفرد له حوالي ثلث الكتاب، خاصة وأن بعض القوى التي ارتكبت المجزرة مرت بمحاذاة مخيم برج البراجنة، ولم ترتكب المجزرة فيه.
يبدو أن المجزرة كان مخططاً لها قبل الاجتياح، وربما قبل عشر سنين؛ أي منذ عملية ميونيخ عام 1972..
قبل عشرة أيام بالضبط مرت الذكرى الخمسين لعملية ميونيخ التي دامت 21 ساعة. واليوم تمر الذكرى الأربعون لمجزرة صبرا وشاتيلا. هل من المصادفة أن تكون الثانية في الذكرى العاشرة للأولى؟! أم أنها ذاكرة الدم التي تنفث الحقد الصهيوني أينما حلّت؟
وهل استمرار المجزرة بهدوء لمدة 42 ساعة (وتوقفها بقرار ذاتي، مبرّرُه فقط أنهم استكفوا من القتل).. هو ضعف الزمن الذي استغرقته عملية ميونيخ، صدفة؟ أم أن أحدهم خطط لذلك ليقول: رددنا الصاع صاعين؟!
في عرضٍ سريعٍ لحياة الذين قاموا بعملية ميونيخ وهم ثمانية فدائيين، يتبيّن لنا أن خمسة منهم من الحي الذي بدأت منه المجزرة، وأن المجزرة بدأت من جمعية إنعاش المخيم الفلسطيني، مقابل السفارة الكويتية في حي عرسان، حيث كان الشباب الذين نفذوا العملية من لاعبي كرة القدم في نادي الكرمل التابع للجمعية. وأن المجزرة ارتُكبت في شارع أبو حسن سلامة (حيث كانت منطقة نفوذه ومنظمة أيلول الأسود)، وهو شارع صبرا الممتد من محطة الرحاب باتجاه منطقة جامع الدنا.
ثلاثة هم الذين بقوا أحياء من منفذي عملية ميونيخ، واغتال العدو عدنان الجشّي في الثمانينيات بالسم في إمارة الشارقة عام 1984. أما الثاني والثالث جمال الجشّي ومحمد الصفدي فما زال البحث عنهما جارياً حتى اليوم (وذكرت معلومات أن ملاحقتهما شملت: السودان والسويد وليبيا والبرازيل ولبنان والأردن.. وغيرهم).
لقد تم قصف مركز جمعية الإنعاش ونادي الكرمل وتدميرهما في أثناء الاجتياح بعنف. هذا المركز الذي أخبرني عنه الراوي أنه لم يكن فقط لهؤلاء الذين نفذوا عملية ميونيخ، بل كان مقراً سرياً لمنظمة أيلول الأسود.
الصهاينة لا يتركون حقداً لتمحوه الأيام، بل إن الانتقام والثأر سياسة دولة تسعى لفرض هيبتها وعنفها على الدنيا، وأن هذه الشهوة متجذرة في التاريخ.
عمليتان متقابلتان:
الأولى من حركة تحرّر ضد رياضيين من جنود الاحتلال، والثانية من دولة إرهاب ضد شعب أعزل.
الأولى لم تقصد قتل الرهائن، والثانية قامت بالقتل بسلاح أبيض حاقد.
الأولى قُتل فيها 12 شخصاً بقرار غبي من الشرطة الألمانية، والثانية قُتل فيها نحو 3000، بقرار مسبق مع سبق الإصرار والترصد.
الأولى كانت من أجل هدف وطني نبيل، والثانية كانت أجل شهوة الانتقام والقتل.
ستبقى أهدافنا شجرة تظللنا تنمو وتكبر بنا، وتحقق أهدافنا بالتحرير والعودة