"فرقة العاشقين" الفلسطينية.. القصة الكاملة 1/4
شبكة العودة الإخبارية -ظاهر صالح
حالة رائدة في تحويل الفن الفلسطيني إلى أداة نضال
"فرقة العاشقين" أو "أغاني العاشقين"، هذه التسميات التي نالتها، لم تأتِ من فراغ، فهي أصابت قدراً وافراً من الشهرة والصّيت والإعجاب فلسطينياً وعربياً وعالمياً، ومارست الغناء الفلسطيني، وأنشدت كلماته ووزّعت ألحانه بكل حرفة وإتقان وجدارة، ما جعلها صوت فلسطين الحرّ الذي أثبت حقيقة أن الثورة الفلسطينية المعاصرة لم تكن بندقية ثائر فقط، بل كانت بُعداً ثقافياً شكّل حالة استثناء تاريخي لهوية شعب اقتُلع من أرضه وأصبح لاجئاً.
غنّت "فرقة العاشقين" في العواصم العربية، وقامت بجولات غنائية في العديد من الدول الغربية منها اليونان والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا وغيرها، ونالت جائزة في مهرجان "نانت" الفرنسي للفن الشعبي وغيرها من الجوائز التقديرية.
لعبت فرقة العاشقين دوراً هاماً وأساسياً في خلق وتطوير حالة الوعي الوطني لدى الشعب الفلسطيني بكل فئاته، وأسهمت الفرقة بأغانيها وكلماتها وأصواتها ودبكاتها في بثّ روح المقاومة والنضال والتحدي، فغنّت للشهيد والأسير والجريح وللمخيم والقرية والمدينة وللفلاح وللفدائي وللعلم وللكوفية والبندقية، وللعودة والتحرير، فكانت أغانيها على الدوام محفزاً ودافعاً للفعل النضالي ومحركاً للمشاعر الوطنية، وأصبحت أغانيها فيما بعد تعبّر عن مرحلة مهمة من مراحل النضال وتمارس أغانيها مهمّة أخرى غير مهمتها الرئيسية، فأصبحت بهذا المعنى تجسد الروح الوطنية السائدة وتعبّر عنها، بل وتؤرخ وتوثّق لمسيرة طويلة من النضال، إضافة إلى مهمة رئيسية حملتها على عاتقها بكل جدارة، حيث حملت راية التثفيف الوطني بامتياز، ورفعتها عالياً وحافظت عليها رايةً خفاقةً تُسعِد القلوب وتفرح العقول، بتقديمها مشهداً بانورامياً عاماً للغناء الوطني المُلتزم، ودوره في نشر الثقافة والوعي الوطني وفي التعبئة والتحريض على مقاومة المحتل الصهيوني، وتشكّل مصدراً ومرجعية مهمة لأي باحث ومهتم بالأغنية الوطنية الفلسطينية، أو ما اصطلح على تسميته بالأغنية السياسية المُلتزمة.
النشأة والتأسيس
فكرة إنشاء الفرقة قد تولَّدت في ذهن الراحل عبد الله الحوراني، أما الذي شكّلها فعلياً وأعطاها اسمها الأول، فهو حسين نازك الذي بدأ بجمع العناصر اللازمة من الفلسطينيين المقيمين في سورية، إضافة إلى بعض الكوادر من السوريين مثل ميزر مارديني الذي تولى مهمة تصميم الرقصات والتدريب عليها، والشقيقتين مها وميساء ابو الشامات اللتين عملتا في مجال الكورال، ومعهما مها دغمان التي نجحت في تقديم صوت صولو لافت للنظر والسمع. ولم تلبث الفرقة أن وُفِّقت بالاهتداء إلى أسرة الهباش، المؤلفة من ثلاثة شبان أشقاء (خليل وخالد ومحمد)، وشقيقتين (آمنة وفاطمة)، وكانت أهمية هذه الأسرة بتركيبتها، فمن جهة كان لوجود فتاتين تعملان مع أشقائهما أثر في تشجيع الفتيات على الانضمام إلى الفرقة، ومن جهة ثانية كان الإخوة بارعين في العزف النوعي، فخالد كان يعزف على القانون والشبابة، وخليل كان بارعاً في استخدام الإيقاع (الطبل والدف)، أما صغيرهم فهو محمد الهباش، الذي أطلق عليه في حينها لقب "الطفل المعجزة".
وبين هذه المجموعة الهامة من الكوادر، لابد من التوقف وذكر أحمد الناجي ومحمد الرفاعي اللذين يتمتعان بصوتين جميلين، صالحين للغناء الفردي ومشاركة الكورال.
أضف تعليق
قواعد المشاركة