فلسطيني "أعمى" بنابلس يصلح الدراجات والمدافئ ويشعر بالسعادة

منذ 10 سنوات   شارك:

ليس هناك ما يشير إلى أنه كفيف. ومن لا يعرفه لا يدرك أنه معاق. أصابعه الماهرة تمسك بالمعدات الدقيقة للأفران والدراجات المستخدمة فيقوم بإعادة إصلاحها. وقد يعتبره الناس فقيرا، غير أنه يؤكد أن لديه شعور بغناء الروح.

في شارع نابلس بمدينة رام الله، وبالضبط أمام مطعم سامر، الذي تناول فيه وزير الخارجية الاميركي شطيرة شاورما، يوجد محل الكفيف فايز محمد الشافعي. الرجل في السادسة والاربعين من العمر يأتي صباحا ويفتح محله ثم يعلق على واجهته دراجات ومدافئ وأفران الغاز. وبعدها يبدأ في أصلاح مدافئ معطلة أو دراجات هوائية في انتظار زبائن جدد.

أصابعه تتجه مباشرة الى "البراغي" فتفك هذا وتشد ذاك أو إنه يمسك بمدفأة، فيفتحها الى عناصرها الأولية، ويعيد تركيبها بأجزائها الصغيرة والكبيرة ومساميرها الدقيقة فتصبح صالحة للعمل من جديد. بعد كل عملية كهذه تعلو الابتسامة محيا " أبو ماهر" الذي ولد في أسرة لاجئة من مدينة اللد. بعد استقرارالأسرة في البيرة المجاورة لرام الله، افتتح والده محلا لصناعة أفران الغاز وتصليح مدافئ الغاز والمازوت والسولار. ولد فايز بعد عام من حرب 1967، التي احتلت فيها الضفة الغربية. كان بصر الطفل طبيعيا حتى سن السادسة، ثم تراجع بشكل تدريجي الى ان أصبح أعمى بالكامل بعد عشر سنوات. كان ماهر يعمل خلال تلك الفترة عند والده وجده في المتجر. فتعلم فنون الصنعة، وبعدما فقد بصره تماما، لم يتمكن أطباء وكالة غوث اللاجئين التابعة للامم المتحدة من علاجه، كما لم تنجح ايضا العيادات الحكومية والخاصة في الحد من إعاقته. "لم أتقبل الامر في البداية، لكن حنان والدي ووالدتي وتشجيعهما المتواصل لي، جعلني أتعايش مع الأمر وأتقبل بأنني ساعيش هكذا إلى الأبد، أو الى حين حصول معجزة طبية" ويضيف فايز مستدركا: "أنا أتابع التطورات العلمية عالميا في علاج الشبكية، حيث إن مرضي هو انعزال الشبكية التدريجي، إذ تجف الشرايين التي تغذيها باستمرار الى أن تنعدم الرؤية وأنا لا أزال أتذكر الألوان والأشكال رغم مرور خمسة وثلاثين عاما على فقدان بصري.

رحلة مع الظلام والموسيقى

كان فايز منذ سن الثالثة يترنم بكلمات الأغاني التي يسمعها، وكان والده يشجعه على الإلقاء، ومع الأيام أصبح "مطرب العائلة". ففي كل مناسبة يصدح بصوته أمام الجمع وتنهال التشجيعات. " كنت أشعر وكأني عبد الحليم حافظ أو عبد الوهاب أو فريد الأطرش وأنا أتلقى إيماءات الاعجاب والاستحسان ، قبل أن أفقد بصري وحتى بعد ذلك" ويشير فايز الشافعي إلى أنه يغني من باب الهواية وليس الاحتراف. فرزقه الأساسي من العمل في المتجر طوال النهار. وقد تعرف على اصدقاء من محبي الفن، حيث يحيون حفلات غناء في الأعراس ومناسبات التخرج وغيرها باسعار زهيدة. كما تعلم فايز العزف على الأورغ بصورة أساسية وكذلك على العود.

الدراجة والمدفأة وحكاية التنمية

ويحكي الشافعي أنه تسلم المحل بعد وفاة والده وأنه تقاسم التركة مع إخوته، فكان نصيبهم الآلات التي تصنع المدافئ والأفران، وكان نصيبه المحل كمعرض وموقع للصيانة والتصليحات. ومنذ ذلك الحين لم يتمكن من شراء آلات جديدة، إذ يبلغ سعرها خمسة وعشرين ألف دولار. وتحدث عن جمعيات التنمية والقروض الصغيرة التي تشجع المستثمرين ولاحظ "إنهم جميعا يشترطون فائدة عالية تجعل هامش الربح بسيطا، رغم الكلام عن التنمية الاقتصادية وتشجيع المنتج الصغير، فهم لا يختلفون عن البنوك في أي شيء". وقام فايز الشافعي بتعليم أبناءه على حسابه الخاص، فماهر الكفيف أيضا أنهى قبل عامين الدرجة الجامعية الاولى في اللغة الانجليزية والترجمة الفورية بجامعة بيرزيت ولم يجد فرصة عمل حتى الآن، رغم القوانين التي تخصص نسبة خمسة بالمائة من الوظائف لذوي الاعاقة. وهوأيضا يعيش من المشاركة في إحياء الافراح كعازف على كل الالات تقريبا وكمغن. ويحلم ماهر بالحصول على منحة لإكمال الدكتوراة في الولايات المتحدة. أما أخته شروق، الكفيفة أيضا، فهي تواصل تعليمها في بيرزيت. وبالنسبة لأخيهما الاصغر محمد وهو الوحيد المبصر فقد رفض مواصلة التعليم ، حيث يقول:" رأيت أخي وغيره من المبصرين يدرسون أربع سنوات ويصبحون عاطلين عن العمل، فقلت لنفسي من الأحسن أن أغادر المدرسة واشتغل مع أبي أو مع غيره".

الفقر وغناء الروح

لا يعلق فايز الشافعي أملا على الحكومة الفلسطينية ولا على المنظمات غير الحكومية ولا على اتحادات المعاقين. فجميعهم خذلوه، كما يقول، وهو يعتمد تماما على نفسه كتقني يجيد مهنته "التي تكفيه شر حياة التسول". ويؤكد فايز أن لديه الشعور بأنه غني، فهو يتابع الأحداث السياسية والتطورات العلمية والفنية، ويمارس "الموسيقى التي تصفي روحه وتنقي وضعه النفسي". فلا تراه عابسا أبدا، ولا تسمعه يشتم الحظ او القدر، بل إنه يحكي النكات ويتبادلها مع الأصدقاء والعائلة بابتسام وسرور.

المصدر: وكالات



السابق

منظمات حقوقية: انتهاكات لبنانية بحقّ اللاجئين الفلسطينيين من سورية

التالي

الإحتلال يعاقب الفلسطينيين ببناء وحدات استيطانية في الضفة الغربية


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.