صِبا.. بيت الصابون الفلسطيني الذي ينافس عالميا من منزل صغير لمصنع كبير
كان حلم إخلاص صوالحة من عصيرة الشمالية القريبة من نابلس، أن Jكون لها مزرعة فطر خاصة بها، لكن الحلم لم يكتب له التوفيق، وكونها كانت تعمل باحثة ميدانية في القرى الفلسطينية وتستمع لهموم السيدات، عرفت أن المشكلة الرئيسية للقرى هي فائض زيت الزيتون الذي يصعب تسويقه من المواطنين العاديين خاصة بوجود الزيت الإسباني ودول أخرى بأثمان رخيصة.
وقادت الصدفة صوالحة حسب ما روت لـ«القدس العربي» إلى ابتكار فكرة الاستفادة من الزيت في صناعة الصابون الطبيعي، خاصة بعد فقدان زوجها للعمل، ما جعلها تفكر بالحاجة إلى مشروع خاص يدر دخلاً عليها ويعيل الأسرة وكذلك مساعدة الفلسطينيين في القرى في تسويق زيتهم.
كانت الفكرة الرئيسية هي تقديم الصابون الطبيعي بشكل مختلف من ناحية النوع واللون والتغليف. وبدأ العمل في مطبخ بيتها الصغير في القرية الشمالية، ثم إلى شقة لأخيها، قبل أن تنتقل وتبني مصنعًا صغيرا أسفل منزلها.
وفي عام2011 طلبت مؤسسة «بال تريد» الفلسطينية كمية من الصابون لتقديمها لمؤسسة يابانية. وبعد عامين طلب اليابانيون الالتقاء بها ومعرفة عملها، ثم قاموا بتقديم دورات لها ودراسات جدوى لسوق الصابون، قبل أن يقترحوا عليها الانتقال إلى المنطقة الصناعية في مدينة أريحا التي مولها اليابانيون لتحدث نقلة نوعية في عملها من المطبخ إلى مصنع كبيرة على الطراز الحديث.
بدأت السيدة صوالحة وزوجها بالعمل على إنتاج الصابون العضوي داخل مطبخ منزلهم في عام 2002، لتروق لهم الفكرة ويزداد استمتاعهم بالإنتاج مع ازدياد الطلب، فبحثا عن طرق لتوسيع مشروعهم وتحسين خط إنتاجه.
أصناف الصابون المصنعة في مصنع «صِبا» المقام على مساحة دونم تقريبا في مدينة أريحا الصناعية، متعددة وجميعها من مواد طبيعية %100، مثل مجموعة الزيوت التي تنتج من خيرات الأرض الفلسطينية والزعتر البلدي، ونبتة الخزامى، والليمون والعسل وحليب النوق والتمر واللوز والفحم وطينة البحر الميت.
البداية والتحديات
بدأت وزوجها في صناعة الصابون في عام 2002 عندما كانت الانتفاضة الثانية في أوجها، فقررت أن صناعة الصابون الطبيعي قد تكون من أكثر المشاريع قليلة الخطورة، وهكذا بدأت حكاية انتاجه في مطبخ منزلها.
وكانت عملية التصنيع تشمل كل أفراد العائلة فلكل واحد منهم مهمته الرئيسية، وبقيت الأمور على هذه الحال لمدة ست سنوات متواصلة قبل أن تقرر إخلاص الخروج من نفق صابون زيت الزيتون إلى إدخال مواد طبيعية أخرى لتوسع مشروعها.
كما قررت كون المشروع يدر دخلاً لا بأس به، أن تسعى لاستمراره، وهكذا قررت تقديم أوراقها للجهات الفلسطينية الرسمية لترخيص مشروعها كي تضمن استمراره بعد النجاح الذي تحقق بجهود العائلة داخل مطبخ صغير.
وحصلت صوالحة من اليابانيين على منحة وصلت إلى 190 ألف دولار أمريكي، لكن تكلفة تشغيل المصنع كانت تتجاوز النصف مليون دولار، ما أوجب عليها أن تقوم بالحصول على القروض الخاصة من البنوك ورهن مدخراتها كي تستطيع ذلك.
وواجهت صعوبة في عملية إقناع التجار بالمنتج المحلي خاصة وأن السوق المحلي يعتبر أن سعر قطعة الصابون الواحدة مرتفع. وسبب ارتفاع الكلفة مربوط بأن جميع مكونات الصابون هي من إنتاج محلي ترتفع أسعاره وتنخفض حسب الموسم وكمية الإنتاج، وهي عوامل تؤثر في السعر.
عملية تصنيع الصابون
يتم سكب المواد المستخدمة في جهاز خاص يقوم بعملية الخلط ومزج المواد في حرارة لا تتجاوز 40 درجة للحفاظ على القيمة العلاجية لزيت الزيتون، وبعد الخلط تبدأ عملية سكب خليط الصابون من مواد طبيعية في قوالب بأحجام وأشكال مختلفة، وتترك الصابون في القوالب لمدة ما بين عشرين إلى ثلاثين يومًا ليتحول مزيج الصابون اللزج إلى مادة صلبة. ثم تأتي عملية تقطيع القوالب الصلبة إلى أحجام مختلفة.
وكان المصنع ينتج قرابة الخمسين ألف قطعة في الشهر الواحد، أما في المصنع الجديد داخل المنطقة الصناعية في أريحا فإن الإنتاج وصل إلى ثمانين ألف قطعة صابون شهريا، و10٪منها فقط يذهب للسوق المحلي، والباقي يتم تصديره إلى الدول العربية.
أرادت إخلاص صوالحة أن تستفيد من زيت الزيتون الطبيعي الذي تعتبره أحد أعمدة الأصالة الفلسطينية، لكنها أرادت مزج الأصالة والموروث الفلسطيني الطبيعي بالإبداع كي تستطيع مساعدة نفسها وعائلتها بطريقة تحافظ على البيئة الفلسطينية من التلوث.
كما هدف المشروع إلى تشغيل أيد عاملة فلسطينية خاصة من السيدات الريفيات، وكذلك تشجيع المزارعين الفلسطينيين للحفاظ على منتجاتهم وتسويقها، خاصة مزارع الأعشاب الطبية. وهدف في مشروعها إلى العمل على فكرة التجارة العادلة بمفهومها الحقيقي وليس الدولي المتعارف عليه.
وتقول صوالحة إن الأهم هو تشجيع الصناعات الفلسطينية «للحفاظ على هويتنا والثبات في أرضنا وتشغيل النساء الفلسطينيات واستغلال الخيرات الطبيعية لبلادنا والعمل على تسويقها. ويعد صابون «صبا» من العلامات التجارية الناجحة في فلسطين ومثلا يحتذى به».
المصدر: القدس العربي
أضف تعليق
قواعد المشاركة