"عشاكم علينا" حملة خيرية لإطعام الفقراء في غزة
![]() ![]() |
على بساطة قيمتها إلا أنها باتت تؤمن وجبة العشاء لعشرات الأسر الفقيرة التي انقطعت بها السبل في دوّامة الحياة وساقية الهموم مع تواصل الحصار على غزة .
"عشاكم علينا".. شعار لحملة خيرية أطلقتها جمعية نور المعرفة لتأمين وجبة واحدة على الأقل للأسر الفقيرة عبر الاتفاق مع محلات البقالة والمأكولات الشعبية في أحد أحياء مخيم النصيرات وسط قطاع غزة .
بدأت الفكرة بحملة تكافل اجتماعية لمساعدة الأسر الفقيرة فشملت في البداية 50 أسرة لمدة شهر والآن وصل عدد المنتفعين منها إلى 400 أسرة بعد أن اقتنعت مؤسسات عربية وأجنبية بالفكرة وشرعت بتمويلها.
وجبة يومية
منذ أن تسلّم "أبو أحمد" دفتر التذاكر قبل شهر رحل القلق مؤقتاً من تأمين وجبه العشاء ففي البيت ستة أفواه تترقب عودته بالقليل الدائم مهما كان نوعه.
زيارة "أبو أحمد" تتكرر يومياً لمحل بيع الفلافل والفول القريب من منزله أو سوبرماركت "صيدم" المحاذي للطريق فهو مخيّر بإنفاق الشواكل من كلا المحلين في وجبتي الإفطار والعشاء.
يقول إن ما قيمته 120 شيكل شهرياً لا يقبضها نقداً لكنها موزعة على 30 يوم يشهر فيها لصاحب المحل دفتر التذاكر فيسلمه ما يطلبه من "فول-فلافل-بيض-ألبان" وغيرها .
أما "أبو فارس" الذي يتابع حديث "أبو أحمد" فيؤكد أنه فقد عمله سنة 2000 داخل الأرض المحتلة، وأصبح يقتات على فرص العمل المؤقت في برنامج البطالة أو المساعدات الغذائية من وكالة الغوث والمؤسسات الخيرية.
يعدّل قبعته الصيفية ويضيف: "أدرجتني الجمعية كأسرة فقيرة فعددنا 9 أفراد فحصتنا كل يوم وجبة بقيمة 4 شواكل من محلات البقالة أو محلات الفلافل وقد جددت الجمعية لنا دفتر التذاكر بعد شهرين".
جزئياً تخلّص "أبو وائل" من حالة الإحراج التي كانت تقلقه مساء كل يوم حين يسأل زوجته ماذا أعدت للعشاء فتجيبه ألا شيء في البيت ليطعم 7 أفراد.
كسابقيه أصبح العامل "أبو وائل" منذ مطلع انتفاضة الأقصى عاطلاً عن العمل لكن أطفاله الذي شهدوا ميلاد بطالته تخرج اثنان منهم من الجامعة بينما لا زال 3 آخرون في مراحل دراسية مختلفة.
عن حاله يتابع: "هي مساعدة بسيطة لكنها متواصلة فأحياناً لا أجد في جيبي شيكل! فأي شيء رمزي يؤمن العشاء أفضل من لا شيء! لا أحد ينظر للعامل بعين الرحمة!".
وتشابكت عبارات الرجال الثلاثة وهم يشكرون إدارة الجمعية التي ساهمت في مساعدتهم في جوانب أخرى عبر برامج الأسر الفقيرة والطالب الفقير.
400 أسرة
يعرف محمد أبو مصطفى منسق المشروع كامل التفاصيل وهو رغم خبرته باحتياجات الأسر الفقيرة يأمل أن تتوسع الحملة وترتفع قيمة وجبة العشاء بل وتخصيص مساعدة أسبوعية أخرى للأسر الفقيرة.
تقوم الفكرة على عدم منح الفقير مبلغا نقديا دفعة واحدة وإنما سد احتياج يومي لوجبة العشاء وهي ما تعد عبئاً للأسر الفقيرة من خلال متابعة المختصين الميدانيين خاصة في سنوات الحصار الأخيرة.
ويضيف: "بدأنا بتمويل ذاتي لخمسين أسرة لمدة شهر، وبعد ذلك بدأ التمويل من مركز التراث الفلسطيني بالأردن ومؤسسة uk Islamic machine، ومولوه 6 شهور، وسنظل متواصلين مع 400 أسرة فقيرة مقسمين لمجموعات على أن نكرر الدورة لأكثرهم فقراً".
أما عبد الجليل غراب رئيس جمعية نور المعرفة الخيرية فيقول، إن المجتمع المحلي لجمعيته سجل نسبة فقر بلغت 85% من الأسر التي كان معظم أربابها عمال وأصبحوا عاطلين عن العمل.
ويتابع: "فكرتنا هي في توفير مساعدة بشكل غير نمطي نضبط من خلاله تصرّف البعض بالنقود بشكل غير متوازن، والآن نعكف على رفع قيمة الوجبة وزيادتها، لكننا نجتهد في تسويق المشروع لمؤسسات أجنبية وعربية بدأت تتفاعل معنا".
ومع كل سنة يكبر فيها الحصار وتتزايد آلامه تتفاقم معه معاناة الأسر الفقيرة التي وصلت لوضع لم تجد فيها ما تقيت بها أفرادها ولو بالقليل؛ ما جعل حملة "عشاكم علينا" ابناً شرعياً للفقر والحصار.