مؤشرات غير مسبوقة في هجرة الإسرائيليين إلى أوروبا

منذ 9 سنوات   شارك:

حسام شاكر

باحث ومؤلف

■"الإسرائيليون السابقون" ظاهرة تتوسّع في أوروبا وأنماط جديدة تنشأ

■تصاعد هجرة الإسرائيليين إلى أوروبا والظاهرة متعددة المستويات

■الضغوط الاقتصادية والتهديدات الوجودية تدفع الشباب الإسرائيلي للهجرة

■موجة هجرة إسرائيلية عكسية إلى أوروبا مصحوبة بظواهر جديدة

■الهجرة العكسية تضغط على الاستراتيجيات الديمغرافية الإسرائيلية  

تتصاعد موجة الهجرة الإسرائيلية العكسية صوب أوروبا والبلدان الغربية، فتسجِّل ظواهر جديدة في المعادلة الديمغرافية في فلسطين المحتلة، طبقاَ لما أفاد به خبير في الشؤون الأوروبية. وأكّد حسام شاكر، الخبير في الشؤون الأوروبية في استعراضه لنتائج تحليلية في هذا الصدد من بروكسيل اليوم الجمعة (17/10)، أنّ المؤشرات المتاحة تكشف عن موجة غير مسبوقة في طبيعتها في نزيف الهجرة الإسرائيلية العكسية من فلسطين المحتلة إلى أوروبا، وأنّ اتجاهاتها متصاعدة، متحدثاً عن "اتساع ظاهرة الإسرائيليين السابقين". وأوضح شاكر، أنّ الهجرة الإسرائيلية العكسية آخذة بالتحوّل إلى حالة جماهيرية جارفة متعددة المستويات، خاصة مع اختيار وجهات جديدة للتمركز، وهذه تمثل هاجساً كامناً لدى المؤسسة الإسرائيلية التي تدرك أنّ قرابة ثلث الإسرائيليين ليسوا في فلسطين المحتلة في أي وقت من الأوقات. ولفت حسام شاكر الأنظار إلى أنّ هذه الحالة تؤجِّج تجاذبات بين الشبان الإسرائيليين من دعاة الانطلاق إلى العالم والهجرة إلى الخارج، وأوساط إسرائيلية حكومية وإعلامية تمارس التحريض ضد هذه الدعوات وتنعتها بوصف معاداة الصهيونية. وتوقع شاكر أن تشجِّع هذه الهجرات ظاهرة الفجوة بين التجمّعات اليهودية والإسرائيلية في أوروبا من جانب والخطاب السياسي والدعائي الإسرائيلي من جانب آخر. "وقد اتضح خلال العدوان الأخير على غزة أنّ منظومة تأييد الاحتلال في أوروبا أظهرت عجزاً في حشد اليهود في الفعاليات الجماهيرية المؤيدة للعدوان، بينما أعرب مزيد من اليهود والإسرائيليين السابقين عن مواقف معارضة للعدوان ومؤيدة للحقوق الفلسطينية".   أنماط جديدة ومستويات متعددة للهجرة العكسية وصنّف شاكر الهجرة العكسية ضمن مستويات متعدِّدة، فمنها مستوى يقوم على الانتقال الدائم، وهناك أيضاً "هجرة مؤقتة" تأتي على هيئة حالات سفر طويلة الأمد يستقرّ بموجبها الإسرائيليون في محطة بعينها أو أكثر من محطة، لمدّد أطول من السفر التقليدي المعهود لأغراض السياحة والأعمال. وقال الخبير أنّ "هذه الهجرة المؤقتة تمثل تهيئة لحالة تكيّف مكاني جديدة تجعل من هذا السفر حالة إقامة دائمة أو شبه دائمة، أو حالة محفِّزة على الهجرة لاحقاً تحت أي ظرف من الظروف". وتأتي من هذه المستويات أيضاً، حالات انتقال الأثرياء أو الكفاءات إلى وجهات معيّنة، منها بريطانيا وسويسرا على سبيل المثال، وتأخذ هذه شكل أسفار متكرِّرة أو إقامات طويلة أو السفر لتعاقدات تجارة وعمل وتدريس، وهي تتطوّر أحياناً لتكون بمثابة هجرة فعلية حتى دون أن يصنّفها أصحابها كذلك. وأشار حسام شاكر إلى أنّ مجتمع الاحتلال الإسرائيلي يُعتبر أساساً من المجتمعات كثيرة السفر نسبياً إلى وجهات أوروبية، خاصة مع الشعور بالضغوط وعدم الاستقرار في فلسطين المحتلة، وبالنظر إلى العزلة الإسرائيلية عن السياق العربي المحيط بفلسطين. وأضاف: "تشكِّل الوجهات الأوروبية والغربية خياراً مفضلاً للإسرائيليين من أصول أوروبية شرقية أو غربية، فهي بمثابة محاولة كامنة للعودة إلى الجذور أو تعبير عن الانعتاق المكاني من الواقع الاستيطاني المفتعل، مع التملّص من ضغوط العيش تحت التهديد المرتبط بالاحتلال والمقاومة".   موجات هجرة تضمّ عشرات الآلاف من الإسرائيليين وتفيد المؤشرات التي كشف عنها حسام شاكر أنّ بعض الإسرائيليين أصبحوا يتمركزون في نقاط جذب لم تكن مرغوبة لهم من قبل، وتبرز من ذلك العاصمة الألمانية. وتستقطب برلين، حسب شاكر، فئة الشباب الإسرائيلي في المقام الأول الذي يبحث عن تحقيق الذات وبناء تجربته العملية في ظروف اقتصادية ميسّرة بالنظر إلى تفاقم الأزمة الاجتماعية في مجتمع الاحتلال أو الشعور بضغوط الواقع الذي أنتجه نظام الاحتلال. وقال شاكر: "الحياة المعيشية في برلين اقتصادية للغاية وزهيدة الكلفة، وهي تتقدّم العواصم الأوروبية في هذا المجال. فتكاليف السكن والمعيشة والتسوّق اليومي وحتى المطاعم والمقاهي، منخفضة في برلين بمراحل بالمقارنة مع ما عليه الحال في تل الربيع (تل أبيب) مثلاً". وأضاف أنّ "هذا يجذب قطاعات من الشباب الإسرائيلي الذي يدشِّن تجربته الجديدة، فيعثر على فرصته في مدينة أوروبية كانت عاصمة للحكم النازي دون أن يجد تلك الفرصة في بؤرة الدولة التي أنشأتها الصهيونية". وقدّر شاكر عدد الإسرائيليين الذين انتقلوا للعيش في برلين وحدها خلال السنوات القليلة الماضية، وخاصة في الشهور الأخيرة، بما يتراوح بين 25 ألفاً و35 ألفاً، ويشهد المنسوب ارتفاعاً متزايداً وحادّاً ليغدو في أمد قريب ليتجاوز ربع مليون في برلين ومدن ألمانية أخرى في سنوات قليلة مقبلة. والمفارقة، كما يوضح شاكر، أنّ "برلين وهي تتحوّل إلى عاصمة الهجرة العكسية للشباب الإسرائيلي إلى أوروبا؛ فإنها في الوقت ذاته تمثِّل أبرز مراكز الشتات الفلسطيني في القارّة". وعن الآفاق المستقبلية لهذا المنحى، رأى حسام شاكر أنّ نشوء حالات استقطاب في وجهات الهجرة، مثل حالة برلين، "يعني على الأرجح أنها مؤشرات تتعاظم باطراد ككرة الثلج المتدحرجة، لأنّها تُنشئ بيئات جذب تحتوي على إمكانية احتضان الثقافة الفرعية لمجتمع المهاجرين ضمن مجتمع أعرض، فتتشكّل شبكات مصالح اجتماعية كاملة لهؤلاء المهاجرين عندما يتجاوز عددهم في مدينة بعينها حدّاً معيّناً أو نقطة حرجة، وسيقيمون في غضون ذلك مصالح معيشية وتجارية تمثل نجاحات تستقطب مزيداً من الإسرائيليين، وستتكوّن من خلال ذلك فرص لمزيد من القادمين من مجتمع الاحتلال، وهكذا دواليك". وأضاف شاكر: "الفارق في هجرة الإسرائيليين أنها تتمّ بسهولة، ولا تتكلّف سوى تذكرة سفر وتحليق في الأجواء ساعات قليلة، وتكاليف معيشية أيسر بكثير من الحالة في فلسطين المحتلة، بينما يبحث كثير من المهاجرين الآخرين عن فرصهم في الانتقال إلى أوروبا عبر مخاطر قد تأخذ بهم إلى الهلاك أو الغرق أو الطرد"، كما قال.   موجة هجرة لا تلفت الانتباه لكنّ حسام شاكر نبّه إلى أنّ الهجرة الإسرائيلية العكسية إلى أوروبا تجري عادة بهدوء ولا تثير الانتباه. وعلّل ذلك بالقول: "يتمتع الإسرائيليون أساساً بامتيازات الإقامة الميسّرة في أوروبا بسبب حيازة جواز سفر أوروبي مثلاً إلى جانب جواز السفر الإسرائيلي، وهو ما يتيح الإقامة والعمل دون عوائق في أي من بلدان الاتحاد الأوروبي أو البلدان الشريكة للاتحاد، وحتى دون أن تلحظ السجلات الرسمية في الدول الأوروبية المؤشرات السكانية الجديدة بدقة". وأضاف الخبير: "أنّ أنماط حياة الإسرائيليين من ذوي الأصول الأوروبية تبقى قادرة على التماهي مع الأنماط السائدة في المجتمعات الأوروبية، وبالتالي فلن تكون هذه الإضافة الديموغرافية ملحوظة بسهولة". وعن تأثير العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، على هذه الهجرة العكسية؛ أوضح شاكر: "على مدى سبعة أسابيع في الصيف استشعر مجتمع الاحتلال حالة من الانكشاف أمام تهديدات وجودية، واتضح لهذا المجتمع أنّ مظلّة الحماية التي تمثلها دولته غير فعّالة في لحظة الحقيقة". وقال "إنّ غزة الواقعة في الخاصرة الجنوبية كانت قادرة على حرمان الإسرائيليين من النوم الهانئ في ليالي الصيف، وقد جرى هذا في قلب العالم العربي الذي يحفل بالمفاجآت الصادمة والتحوّلات الاستراتيجية". وهكذا فإنّ "حالة القلق الوجودي هذه تحفِّز أي قرار بالخروج من المكان والفرار من ضغوط الواقع السياسية والاقتصادية، وستكون أوروبا أو أمريكا الشمالية خياراً معقولاً"، وفق تقديره. ولفت حسام شاكر الأنظار إلى أنّ هذه الهجرة العكسية لم تتطوّر بعد إلى حالة عودة إلى "الوطن الأصلي" للإسرائيليين في بلدان أوروبية معيّنة كانت تضمّ تجمّعات يهودية بائدة؛ لأنّ البيئات الحاضنة لم تتطوّر لاستيعاب ذلك على النحو الأمثل. فبلدان وسط أوروبا وشرقها، مثل المجر وبولندا، لا توفِّر في واقعها السياسي والاجتماعي والثقافي، حالة احتضان لهجرة يهودية عكسية رغم حركة السفر الإسرائيلية النشطة إليهما، خاصة مع شيوع التحفظات التقليدية إزاء اليهود بالمقارنة مع بلدان أوروبا الغربية، وحضور الخطاب اليميني المتطرف بوضوح في بعض أوساطها السياسية والشعبية. ورأى شاكر أنّ الإقامة في فلسطين المحتلة عندما تفقد جدواها الاقتصادية؛ فإنّ بحث الإسرائيليين عن وجهة سفر أو هجرة متاحة "سيكون الخيار المباشر بالنسبة للذين يملكون مفاتيح الإقامة في الخارج عبر جواز سفر بديل أو تصريح إقامة، بينما يختار مغامرون آخرون الانتقال إلى مستوطنات في الضفة الغربية تتيح مزايا اقتصادية مغموسة بالتهديدات الوجودية"، حسب ما خلص إليه.

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.