حتى يكون إبداعنا مؤثراً

منذ 5 سنوات   شارك:

ياسر علي

إعلامي وشاعر فلسطيني

كان طالباً متفوقاً في امتحانات التوجيهي، حصل على معدل يؤهّله للدخول في كلية الطب، فرح أهله بتفوقه وكانوا واثقين بقراره.. ولكنه "كان أذكى من أن يضيّع تفوقه وقدراته" في علم ينعزل معه عن المجتمع عشر سنين لكي ينال شهادة تخصصية في داخل جسم الإنسان.

فكر أنه يريد أن يتخصص بعلم يؤثر بالعقل وليس بالجسم، وكانت المفاجأة لمحيطه، حين قرّر أن يدرس التاريخ، وتحديداً تاريخ قضية فلسطين، فكما قال: فلسطين تنتظر منا الكثير.

علّق الكثيرون عليه: تريد أن تصبح أستاذ تاريخ في المدارس، بدل ان يُشار إليك بالبنان: جاء الحكيم وراح الحكيم!!

وبالفعل، قام هذا الرجل بعمل مهم في خدمة القضية الفلسطينية، وتعميق دراساتها وتوضيح التباساتها وتأكيد ثوابتها والرد على خصومها وبناء التحالفات على مستوى دولي، والمشاركة في مراكز التفكير العالمية..

أوردتُ هذه القصة الواقعية، لأشير إلى أمرين:

الأول، أن النتيجة الإبداعية لدراسة الطالب في مادة تعنيه أو على الأقل يحبها حتى لو لم يقدّرها المجتمع، تكون نسبتها أعلى، من النتيجة الإبداعية في مادة لا يحبها رغم أهميتها وتقديرها من المجتمع.

الثاني، وهو موضوع هذا المقال..

أن الدراسة في المواد التي تٌعنى بالمجتمع والفكر والرأي العام وتوجيهه وتعميق رؤاه، كعلم الاجتماع والعلوم السياسية والمحاماة والإعلام وحتى التاريخ والجغرافيا وغير ذلك، أهم بكثير على المستوى العام من الدراسة بالمواد العلمية، على مستوى تطوير المجتمع وقيادته.

في المؤسسات الدولية التي تدرك أهمية هذا الأمر، يقدمون المنح الدراسية في المواد الاجتماعية والقانونية في الغالب. وقد قرأت هذا في إحدى الصحف، حين أعلنت إحدى المؤسسات الأرمنية في لبنان عن توفير منح دراسية في إحدى المواد الثلاثة: الاجتماع والإعلام والقانون.

وهذا ما يفعله اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، ولكن ليس فقط على شكل منح دراسية في هذه المواد، بل لضمان تقدم أعضاء منظماتهم وارتقائهم في المناصب التي يسعون إليها، سواء الحكومية أو الخاصة، وهو ما يُسمى عندهم "حزمة اللبلاب"، أي أنهم يتكاتفون معاً ليرفع بعضهم بعضاً ويسيطروا على المواقع القيادية في المؤسسات.

إذن، متى يكون إبداعنا مؤثراً بشكل عام، وإبداع الفلسطينيين بشكل خاص.

- عندما يتعلق الإبداع (بنسبة أكبر) بالمجتمع والتفكير والسياسية والقانون والمحاماة والفلسفة.

- عندما نبتعد عن المسميات العلمية (د. مثلاً) لمصلحة الفائدة المجتمعية الحضارية.

- عندما يتم تصنيف المواد الأدبية والاجتماعية والقانونية بمنزلة المواد العلمية.

- عندما يتجه المتفوقون إلى هذه المجالات، بطموح الواثقين بأهميتها، والواثقين باهتمام الدولة بها.

- عندما تدعم المؤسسات التعليمية المانحة هذه المجالات.

وهذا النقطة الأخيرة، وجدتها غائبة فعلاً. فالمؤسسات المانحة تعتبر أن هذه المواد مجانية أو شبه مجانية في الجامعات الحكومية، ولا تسعى أن تنشئ جيلاً من المتخصصين في هذه المادة في الجامعات المتقدمة.

الحل يكمن في إنشاء منظومة اجتماعية وحكومية تدرك أهمية هذه المواد، وأساسيتها في بناء المجتمع، وضرورة دعمها وتطويرها من أجل مستقبل أفضل.

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.