تهجير الفلسطينيين من لبنان.. سياسة ممنهجة

منذ 8 سنوات   شارك:

أحمد الحيلة

كاتب ومحلل سياسي فلسطيني

 عادت الأزمة إلى الظهور مجدداً مع تقليص وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لخدماتها الصحية في لبنان، حيث تشهد الساحة اللبنانية العديد من الاعتصامات والفعاليات المتواصلة لمؤسسات المجتمع المدني المعنية بشؤون اللاجئين، إضافة إلى اللقاءات الرسمية بين الفصائل الفلسطينية والمدير العام لوكالة "الأونروا" لحثه على التراجع عن قرار تقليص الخدمات الصحية بذريعة عدم توفر الموازنات المطلوبة.

إشكالية تراجع الموازنات لدى "الأونروا"، اتخذت إيقاعاً موسمياً متكرراً؛ فمع بدء العام الدراسي 2015ـ2016، بذريعة عدم توفر الموازنات في حينه، كادت أن تقفل جميع مدراس الأونروا التي تضم نحو 480 ألف طالب في كل من الضفة الغربية، وقطاع غزة، وسورية، والأردن بالإضافة إلى لبنان التي يتعلم فيها نحو 32 ألف طالب فلسطيني لاجئ موزعين على 68 مدرسة تابعة لوكالة "الأونروا".

يلاحظ أن تراجع خدمات "الأونروا"، بذريعة تقليص أو عدم توفر الموازنات المطلوبة، بدأ يتفاقم ويتسارع في السنوات الأخيرة، بالتوازي مع الاقتتال الدائر في كل من سوريا، والعراق، واليمن..، وازدياد التوتر الأمني والسياسي في عموم الشرق الأوسط، الذي يشهد موجات متتالية من النزوح واللجوء كظاهرة هي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية..، مما يرسم علامة استفهام بشأن توقيت تقليص "الأونروا" لخدماتها الإنسانية في كافة أماكن تواجد اللاجئين الفلسطينيين بعامة، وفي لبنان بخاصة.

وبالنظر في ملف اللاجئين الفلسطينين في لبنان، والظروف المحيطة بهم، نشير إلى الملاحظات التالية:

أولاً: أن الدولة اللبنانية تمنع الفلسطينيين اللاجئين على أراضيها من العمل في 70 وظيفة.

ثانياً: أن الدولة اللبنانية تمنع الفلسطيني اللاجئ من حق التملك للعقارات، حتى وإن كان لغرض السكن.

ثالثاً: أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان غاية في الصعوبة والشقاء، بالنظر إلى تدني مستوى الخدمات، والاكتظاظ السكاني المرتفع جداً مع عدم توفر أماكن للسكن والمعيشة اللائقة بحياة الإنسان، وتهالك البنى التحتية، وازدياد حالات التسرب المدرسي، والاضطراب الاجتماعي..

رابعاً: أن واقع الدولة اللبنانية يشهد توتراً أمنياً، وقلقاً سياسياً نتيجة انعكاسات الأزمة السورية، وتدخل حزب الله عسكرياً لصالح النظام السوري.

خامساً: أن عموم الأوضاع الاقتصادية في لبنان سيئة جداً؛ مع توقف السياحة منذ خمس سنوات، وهروب رؤوس الأموال إلى خارج البلد، وتعطل عمل مؤسسات الدولة الدستورية لا سيما الفراغ الرئاسي، وعدم انتخاب برلمان جديد، وشلل الحكومة اللبنانية التوافقية.

إذن، نحن أمام أجواء محلية وإقليمية طاردة، لا تبعث على الشعور بالأمن والاستقرار. وإذا أضفنا إلى ذلك سياسة وكالة "الأونروا" في تقليص الخدمات، أو توقفها نهائياً كما كان مرتقباً العام الماضي، فإن ذلك يعني دعوة صريحة للاجئين الفلسطينيين المستفيدين من خدمات "الأونروا" أو العاملين في مؤسساتها، إلى التفكير والبحث عن خيارات أخرى خارج لبنان، ومنها اللجوء إلى أوروبا أو استراليا أو كندا..، وهو ما بدأ يُشاهد في أوساط اللاجئين، حيث الاصطفاف لساعات طويلة على أبواب السفارات الأجنبية، والشروع بالهجرة من شمال لبنان عبر البحر إلى تركيا واليونان..

وإذا كان الكثير من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا قد هاجروا بفعل الحرب التي ما زالت رحاها تدور وتهلك الحرث والنسل، فإن هذا يشي بمخطط معدّ بغية تفريغ الجغرافيا السياسية الحيوية المحيطة بفلسطين التاريخية من الفلسطينيين، تهيئة لشطب حقّ العودة إلى فلسطين واقعياً.

لا يمكن –سياسياً- فهم تراجع خدمات "الأونروا" أو وقفها نهائياً على أنه مجرد أزمة مالية؛ لأن مفاعيل ذلك النهج سياسي بامتياز، ويمس صلب القضية الفلسطينية: قضية اللاجئين وحق العودة إلى الديار التي هجّروا منها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948

وإذا كانت الأمم المتحدة ـ بصفتها المرجعية العليا لوكالة "الأونروا" ـ قد تراجع دورها في حل الأزمات الدولية، وأصبحت تعكس اليوم أكثر من أي وقت مضى، رغبات وسياسات الدول الدائمة العضوية المنحازة بمعظمها للكيان "الإسرائيلي"، فإن هذا يثير الشبهة حول سياسات "الأونروا" بحق اللاجئين الفلسطينيين. وبالتالي، فإن المجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الأولى، تتحمل المسؤولية مجدداً عن التقصير أو التآمر ضد حق الفلسطينيين في العودة إلى بلادهم التي هجّروا منها، بالتوازي مع مسؤوليتهم في دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تمارس كافة أنواع الانتهاكات السياسية والإنسانية بحق الفلسطينيين.

ويبقى السؤال: أين موقع ودور منظمة التحرير الفلسطينية، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي مما يجري بحق اللاجئين الفلسطينيين؟!

فهل مجرد الإدانة أو الاستنكار يرفع المسؤولية عنهم؟!

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.