كنز فرعوني في غزة
وسام عفيفة
كاتب وصحفي فلسطينيمن المفارقات الغريبة العجيبة أن يكون مفتاح حل معتبر لأزمات مصر الكبيرة (أم الدنيا) موجود في غزة الصغيرة المنكوبة المحاصرة، وعلى رأي المثل: "يوضع سره في أضعف خلقه".
وحتى لا يبدو الحديث عن المفتاح الغزي من باب الاستعطاف ـوالاستجداء خصوصا أن كل حجج العالم لن تقنع السلطات المصرية بتغيير سياساتها تجاه قطاع غزة، وتنهي الحصار الخانق المفروض على مليونين من سكانه، والتعاطي بالمعايير الثأرية، والتشفي، والعقوبات الجماعية.
سنقترح حلولا غزية للازمات المصرية المتفاقمة على رأسها الانهيار الاقتصادي الذي يهدد بتداعيات أمنية وسياسية...على سبيل المثال: فان حجم التبادل التجاري بين قطاع غزة و(إسرائيل) يصل إلى 3 مليارات دولار سنويا على الأقل، يمكن أن تذهب إلى مصر إذا ما تم تطوير العلاقات التجارية وفتح معبر رفح للتجارة.
كما أن تحويل أموال إعمار قطاع غزة من جانب والمشاريع القطرية من جانب آخر اعتماداً على مواد الخام المصرية-بدل أن تصب في جيب الإسرائيليين-سيضيف مصدر دخل طارئ بعد فشل سياسات النظام المعتمدة على الرز الخليجي في تحقيق تنمية اقتصادية.
ولتدارك ما أمكن من الخسائر في قطاع السياحة بعد هروب السياح الغربيين والروس، فإن فتح بوابة رفح بشكل دائم وتنظيم وفود سياحية فلسطينية من غزة إلى شرم الشيخ سوف يساهم في سد جزء كبير من الثغرة، فأهل غزة عطشى للسفر، ومستعدون لصرف مدخرات الحصار مقابل الحرية.
على الصعيد الأمني وأمام إخفاق الحرب التي يخوضها الجيش المصري ضد سيناء وأهلها تحت عنوان مكافحة الإرهاب، فان خلق فرص للحياة في هذه المنطقة أجدى من الاعتماد على زرع الموت فيها، وإنشاء منطقة تجارية وصناعية مع غزة بعيداً عن الأنفاق والتهريب سوف يعيد الأمل لأهل سيناء الذين تم إجبارهم على اللجوء إلى العنف جراء السياسات الثأرية.
هذه التحولات الاقتصادية والأمنية سوف تنعكس على دور مصر في الشأن الفلسطيني، وتجعله مؤثرا وذا قيمة، بعد أن تحول إلى مدافع عن المصالح الإسرائيلية، أو انحصر في عقد المصالحات الفاشلة بين محمد دحلان ومحمود عباس، وإدارة المناكفات مع حماس.
وإذا كان وزير الآثار المصري يبحث عن حلول للازمات من روح الحضارة الفرعونية القديمة بالترويج لاستكشافات جديدة للأهرامات وأسرارها، فإن الأولى اكتشاف حقيقة الكنز الموجود في غزة.
حينها سيغني الشعب الفلسطيني لمصر: "أنت الشقيقة الكبرى، وأم الدنيا، وبابا وماما وكل حاجة"، وستستثمر مصر غزة بدل أن تحاصرها.
أضف تعليق
قواعد المشاركة