غزة ليست ملك الغزّيين وحدهم

منذ 6 سنوات   شارك:

خالد الظاهر

ناشط فلسطيني مقيم في برلين

مخرجات لقاء القاهرة الأخير بعثت في نفسي مشاعر الحزن القاتم، وذكرتني بلعنة اتفاق #أوسلو على شعبنا الفلسطيني بكل أطيافه، ومدى خطورة انسياقنا نحن الفلسطينيين وراء مخططاته، التي آثرت أو أُريد لها أن تؤثِر شريحة من شعبنا في بقعة جغرافية على أخرى.

أتكلم اليوم عن القطعة الوحيدة المحررة من وطننا، وأعني قطاع #غزة الذي أحببناه دون أن نراه، غزة التي رفعت رأسنا وأثلجت صدورنا بصمودها وتضحياتها أمام محتل شرس تخشاه دول رغم عظمة جيوشها.

في غزة، وضمن حدودها تربض كرامتنا بعد أن تحررت من نير الاحتلال، وفيها تستقر آمالنا في التحرير وأحلامنا في العودة المنشودة، ولأنها كذلك، يهمنا ما يهمها ويحزننا ما يحزنها، ولا نتمنى لها إلا الخير والاستقرار والازدهار، ولا نرضى بأحد يضمر لها شرًا أو أن يمس أطراف كرامتها وعزتها وكبريائها بسوء، ولذلك نعمل نحن #فلسطينيو_الخارج وما فتئنا نعمل بكل ما أوتينا من عزم وقوة، حتى يحدث الله بعد ذلك أمرا.

لا بد من التأكيد أولًا على حق أهل غزة في الحرص الشديد لتحقيق المصالحة، وحقهم في أن يسابقوا الزمن لإتمامها وانجازها، فهم الذين من أنهكهم الحصار إنهاكا، وأخذ من سنيّ عمرهم أجملها وأحلاها، وواجبنا نحن فلسطينيي الخارج ألا ننقطع عن دعمهم وأن نواصل تقديم يد العون دائمة لا تنقبض، حتى يتم لهم غاية الحرية ومنتهى الكرامة الإنسانية ولتستنشق غزة هاشم أنفاس الحياة والخلود.

بالمقابل، وتفاعلا مع بعض ما نقرأه هذه الأيام أو ما نسمعه هناك من أهلنا في غزة، ورغم ثقتنا العالية بهم وتقديرنا لتضحياتهم وصبرهم ومصابرتهم، غير أننا نرغب بمكاشفتهم بكلمة مُحب يتطلع للكمال، ووقفة شموخ مع أهل الشموخ، لنقول لهم وبكل صراحة: غزة ليست ملككم وحدكم!!!

نعم، غزة ملك للفلسطينيين كلهم، لكن للأسف بتنا مؤخرا نلحظ أن معظم خطواتكم الأخيرة وبجميع أطيافكم السياسية دون أي استثناء تقول لنا:

"أنّ أمر غزة لم يعد يخصكم يا فلسطينيي الخارج، وأننا نحن أهل غزة وحدنا نملك زمام الرأي فيها، نفعل بأمرها ما شئنا، وكيف شئنا ومتى شئنا لأن أهل مكة أدرى بشعابها".

فيا أهلنا في غزة حنانينكم، فغزة ليست ملككم وحدكم!!!

فهي، كما كانت #فلسطين أمانة الأمة الإسلامية عند السلطان عبد الحميد الثاني، وكما #القدس الآن أمانة الأمة عند الفلسطينيين، فإن غزة أمانة الفلسطينيين بين أيديكم، فما أنتم إلا مؤتمنون عليها (فقط)، ولا يمنحكم ذلك حق تصنيف المخالف لكم بالرأي بأوصاف عديدة منها: "المفتقد للوعي والحكمة"، أو "من يكرهون المصالحة يكرهون الوطن"، أو "أنهم ضيقو الأفق" و"محدودو الرؤية" !!!.

نعم، نحن ضد أي مصالحة ليست عادلة ولا يتنازل الجميع لإنجاحها؛ تحقيقا لمصلحة شعبنا وقضيتنا، بل ولم يعد مفهوم لدينا إطلاقا هذا التهافت لتقديم التنازلات، سواءً سياسية كانت أو سيادية دون أي مقابل ملموس، ولن يفرح عاقل بمصالحة تقوم على التنازل عن الكرامة والثوابت والمخاطرة بالإنجازات العظيمة لمن لا يحرص على إنجاحها والتفاعل معها بشكل يدلل على حُسن طويته، وليس من حق الغزيين أبدا أن يتنازلوا بهوان؛ إبرازًا لحسن النوايا، أو أن يخفضوا جناح العطاء دون أي ثمن، ليشعر شعبنا في الداخل والخارج بالضعف من بعد قوة، وبالذل من بعد عزة، وبالإحباط من بعد أمل، وزيادة على ذلك، فإن حجمكم اليوم يفرض عليكم مصارحة شعبنا بكل مكوناته السياسية وعدم التمويه تارة، أو قطع الوعود نيابة عن غيركم تارة أخرى، فمن حق شعبنا معرفة كافة التفاصيل بشفافية مطلقة حتى يحكم بنفسه على مجريات الأمور ويحدد من المسؤول عن تعطيل المصالحة أو إنجاحها.

يا أهلنا في غزة، قد رأينا كرم عطائكم، وسخاء تنازلاتكم، حرصًا على تحقيق المصالحة، غير أنه في المقابل كشف اللؤم عن وجهه في خطواتهم التي يحفها الحقد والرغبة بالانتقام دون أدنى مراعاة لمأساة شعبنا المحاصر، وبكل وضوح، لم نلمس حتى اللحظة إلا التشفي والإمعان في حصار 2 مليون فلسطيني؛ ليعتبروا في الإنتخابات القادمة، فيُحسنوا انتخاب من يمثلهم مستقبلا، وأي إحسان؟!!!

إن كل ما سبق من شأنه أن يبرهن ويكشف مجددا لشعبنا طبيعة وحقيقة من يعمل للمصلحة العامة ومن يعمل لمصالحه الشخصية أو الحزبية الضيقة.

وليس من حق الغزّيين تقزيم أزمتهم بهذه الصورة التي تضم في إطارها معبرا ورغيف خبز، والتعامل مع أزمة الانقسام بناء على مساحتهم الجغرافية فقط، والسعي لحلها دون التفكير بعمق أبعادها وانعكاساتها على شعبنا في الضفة وعلى فلسطينيي الخارج، ومدى تأثيرها على مستقبلنا بشكل عام، فظننا بكم يا أهل غزة أكبر من ذلك بكثير، وأنتم لها بإذن الله.

يا أهل غزة.. غزة ليست ملككم وحدكم، وليس من حقكم اليوم التعامل مع آراء المخالفين من شعبكم في الخارج تعامل استعلاء تزدروه، ولسان حالكم يقول:

"يكفينا تنظيرًا عن بعد، أياديكم في الماء، لا في نار ملتهبة بحصار أكل الأخضر واليابس دون انقطاع عبر عقد متواصل من الزمن، ونقدر لكم نضالكم من أجلنا كل هذه المدة، غير أنه نضال لم يتخطَّ الدعم المعنوي والسياسي والمالي".

فعلا، دعمنا لكم لم يتخطّ وبأي حال الدعم المعنوي والسياسي والمالي، وما ذلك يا أهل غزة عبر 70 عاما بقليل، ولستم وحدكم يا أهل غزة بين أنياب الدمار وفكي المهلكة لتتنازلوا عن كرامتنا وعزتنا بهذه الطريقة، فمأساة شعبنا الفلسطيني في لبنان مستمرة منذ النكبة وشاهدة على تضحيات شبيهة بتضحياتكم، فما هي حتى عايشنا نكبات جديدة اقتلعت شعبنا الفلسطيني في العراق وسوريا، وهل هذا بقليل بينما أنتم تنعمون بحمد الله بأرضكم واستقراركم فيها؟

قلتم وما زلتم تكررون: "أهل مكة أدرى بشعابها"، وأي شعاب تخفى علينا نحن فلسطينيي الخارج، فهذه الشعاب قد خبرناها حينما سرنا بها معًا ليلًا ونهارا حول المعمورة ودفعنا أثمان ذلك الغالي والنفيس، سرنا بها سير المقبلين أو سيرًا فرارا، على مدار سبعين عاما، فهل من حقكم بعد هذا أن تتحدثوا عن (مكتكم) المعزولة عالميًا، لتخوضوا وحدكم غمار التجارب من جديد، ولتستغنوا بها عن خبرات غيركم؛ لترفعوا عن كاهلكم عبء سماعكم للرأي المخالف ووجهة النظر المقابلة؟

ألا يعتبر ذلك بمثابة المغامرة بمستقبلنا ومقامرة غير محسوبة النتائج مع الاحترام والتقدير؟

ولأن غزة ليست ملككم وحدكم، فلن تغنيكم مقالة أن "أهل مكة أدرى بشعابها" فضلًا عن أنه قول مستفز للوجدان ويبعث في سويداء القلب الحزن والحسرة، وقد يصل بكم إلى الضرب بسيف الإقصاء والاستحواذ وقد يورطكم مع طول السنين بالإستفراد بقضية الفلسطينيين جمعيهم، وهذا ما تريده لنا أوسلو اللعينة ولا نرضاه لكم.

يا أهلنا في غزة، ندرك تماما حجم مأساتكم، ولطالما عانينا مثلكم في لبنان والأردن وتل الزعتر وصبرا وشاتيلا ونهر البارد والكويت والعراق وسوريا، وما زلنا مهجرين نتألم في دول الغرب من حرماننا من لطيف العيش في وطننا، انظرونا كيف نكافح يوميا حفاظًا على هوية أجيالنا وخشية من فقدانها، وبالرغم من ذلك، لم نهتم بشؤوننا فقط ولم ننشر ثقافة: "أهل المهجر أدرى بشعابه!!!.

يا أهل غزة بكل أطيافكم السياسية والفكرية والوطنية دون استثناء، إن اتفاقية أوسلو ملعونة وعلينا التحرر ولو (نفسيا) من جميع التزاماتها التي تستهدف وحدة شعبنا الفلسطيني، فلا نزيده تجزئةً وتمزيقا، وعلينا التصدي معا لمشاريع التفريط بثوابت شعبنا الفلسطيني وعلى رأسها حق فلسطينيي الخارج -والذين يشكلون نصف شعبنا- بعودتهم، وقد نُساهم دون قصد وبنية التوافق والمصالح المشتركة بإنجاح أهداف أوسلو اللعينة من خلال عزل الداخل عن الخارج وتحييد بعضنا لبعض وتهميش كل منا للآخر!!!

يا أهلنا في غزة، لا نشك أبدا بحسن نواياكم أو نشكك بها معاذ الله، ونعترف بحجم قدراتكم وكفاءاتكم، ومن ينكر ذلك إلا أعشى أو جاهل، فدعونا نؤكد على اهمية العمل لمزج هذه الكفاءات والقدرات والخبرات لنكمل بعضنا، فالمرحلة تتطلب المزيد من التأكيد على وحدة شعبنا وتكاتفه في الداخل والخارج، لنضرب معًا خير مثال على حالة التلاحم في مجابهة التحديات والصعاب، وهكذا فقط يخيب ظن المتربصين بشعبنا والساعين للتفرد بكم وحدكم في الداخل، أو المتآمرين لتذويبنا حيث نحن، وإنهاء وجودنا في الشتات والغربة الحالكة.

مقالات متعلّقة

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.