حنين الزعبي تواجه وكر دبابير الإرهاب في الكنيست
سليمان الشيخ
كاتب فلسطينيمن المؤكد أن النائبة في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) حنين الزعبي، ليست حالة فردية، تعبر عن ذاتها فقط، بل أصبحت رمزا للأغلبية الفلسطينية التي بقيت في فلسطين بعد الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948 وحتى اليوم.
ولأن حنين الزعبي تملك شجاعة موصوفة ومبادرات في التضحية دائمة العطاء، برزت في غير مواجهة مع تجاوزات الاحتلال وظلمه وعنصريته.
لذا فإنه لم يكن غريبا على حنين الزعبي المشاركة، وركوب المخاطرة في السفينة التركية مرمرة عام 2010، في محاولة لفك الحصار عن قطاع غزة، إلا أن البحرية الإسرائيلية والطيران الإسرائيلي تصديا للسفينة التي كانت تحمل مؤنا وتقل عشرات المتضامنين مع القضية الفلسطينية، خصوصا لفك الحصار عن غزة، إلا أنه عندما وصلت السفينة إلى أعالي البحار، وهي منطقة غير محسوبة على حدود بحرية لبلد معين، فإن طائرات الهيلوكوبتر الإسرائيلية أخذت بإنزال عشرات الجنود المدججين بالسلاح على ظهرها، وحصلت على الفور معركة رهيبة، راح ضحيتها تسعة شهداء من المتضامنين الأتراك، وأصيب عشرات الجرحى بجروح مختلفة.
ودب الهلع والخوف في صفوف عشرات المتضامنين، ومن لم يصب بالرصاص أو بأعقاب البنادق والسلاح الأبيض، فإنه أصيب برضوض وكسور عديدة من جنود ما جاءوا إلا للقتل والتدمير، وعمت جنبات السفينة فوضى عارمة، أسفرت عن أرقام الضحايا التي ذكرتها وكالات الأنباء في حينه.
كل ذلك شاهدته وعايشته وأحست به، وربما كادت أن تصاب بطلق ناري، أو بجروح وهي تدافع عن الضحايا من قبل هجمة الجنود الإسرائيليين، تلك كانت هي حنين الزعبي التي ما كادت تعود إلى فلسطينها، حتى ذهبت إلى الكنيست، وأعلنت بكل جرأة ووضوح ما رأت وعايشت، وسمت الأشياء بأسمائها الواضحة، حيث ذكرت أن هناك جريمة تم ارتكابها على متن السفينة مرمرة المقبلة من تركيا، ومن كلماتها التي قالتها بالحرف في الكنيست نسجل التالي من حديثها: «إن من قتل هو من عليه أن يعتذر.
وتابعت هذا الاتفاق الذي وقع بين تركيا وإسرائيل في نهاية شهر يونيو 2016، أي بعــد ست سنوات من ارتكاب الجريمة هو اعتراف بأنكم قتلــــتم تسعة ناشــــطين سياسيين أتراك، ادعيتم إنهم كانوا أخطر من ركب متن سفينة مرمرة، وأنهم واجهوا الجنود الإسرائيليين، وحاولوا منعكم من اختطاف السفينة والهجوم على ركابها، مما يعني أن السفينة لم تحمل إرهابيين، وإنما حملت ناشطين همهم الأول هو إنهاء الجريمة التي ارتكبتموها أنتم، وهي الحصار على غزة.
وأضافت: وبما أنكم أدرتم أيضا حملة شعواء من الدعاية الهيستيرية ضدي في حينها، لذا أطالبكم بالاعتذار وأطالبكم بالتعويض، أنا سأحصل على التعويضات وسأتبرع بها للأسطول المقبل، لأنه طالما هناك حصار على غزة، فإنه من واجبنا أن ننظم قوافل لكسر الحصار عنها».
هذا بالضبط ما ذكرته حنين الزعبي في خطابها في الكنيست في 29/6/2016، ما دفع بالمتطرفين من غلاة اليمين الإسرائيلي، إلى مقاطعتها ومحاولة منعها من استكمال إلقاء الخطاب، بل وصل الأمر إلى محاولة المس بها جسديا، وأظهرت الكاميرات التدافع ومحاولة الوصول إليها بعد أن نزلت عن المنبر، ربما لضربها أو دفعها للسقوط على الأرض.
فلماذا حدث كل ذلك؟ ألأنها ذكرت النواب ببشاعة الجريمة التي حصلت على متن السفينة مرمرة من قبل القوات الإسرائيلية، وبينت الحقائق والوقائع كما حصلت وشاهدتها بأم العين، لتعتذر الحكومة الإسرائيلية أخيرا بعد طول ممانعة لتركيا عما ارتكبته قواتها من قتل وارتكاب جرائم بشعة يندى لها جبين الإنسانية.
لم تنته حفلة سعار التطرف اليميني من قبل بعض النواب الإسرائيليين، بل أن رئيس الوزراء نتنياهو هاتف المستشار القضائي في الدولة للتباحث في إمكانية دفع إجراءات عملية لإقصاء الزعبي عن عضوية الكنيست، زاعما أنها بأفعالها وأقوالها تجاوزت كل الحدود، ولا مكان ـ بحسب رأيه ـ لها في الكنيست.
وتجدر الإشارة إلى أن الاصطدام الأخير من قبل نواب التطرف اليميني في الكنيست مع حنين الزعبي أو مع غيرها من النواب العرب، كأحمد الطيبي على سبيل المثال، لم يكن الأول ولا الأخير. وبما أن حنين الزعبي تنتمي إلى التجمع الوطني الديمقراطي الذي يمثل شريحة واسعة من فلسطينيي الداخل، وله ثلاثة نواب في الكنيست الأخير، ضمن القائمة العربية المشتركة التي تكونت في الانتخابات الأخيرة (2015) للتغلب على نسبة الحسم المقررة بـ 3 ونصف من الأصوات للنجاح، فإن هذا التجمع الوطني الديمقراطي ووجه باتهامات ودعوات يمينية إسرائيلية لمنعه من الاشتراك في الانتخابات الأخيرة، وفي انتخابات سابقة بحجة أنه متطرف في انتمائه العروبي وانتقاده المتواصل للحكومات الإسرائيلية تجاه مواطني الدولة من الفلسطينيين، إلا أن قضاة محكمة الانتخابات بأغلبيتهم رفضوا الشكاوى والاعتراضات، فشارك حزب التجمع بالانتخابات وفاز له ثلاثة نواب من بينهم حنين الزعبي ذاتها.
المصدر: القدس العربي