تسوية أوضاع فلسطينيي سورية في تركيا مدخل للحد من الهجرة

منذ 8 سنوات   شارك:

ماهر الشاويش

إعلامي فلسطيني

مصطفى شاب ثلاثيني في مقتبل العمر من فلسطينيي سورية في تركيا، يجزم بأنه لم يكن ليفكر في ركوب قوارب الموت والهجرة إلى أوروبا لو كان يعيش وضعاً قانونياً سليماً في تركيا، فالسنوات الثلاث التي قضاها في تركيا من دون إقامة، ولا إذن عمل، شكلت عليه وعلى عائلته المكونة من خمسة أفراد عبئاً اقتصادياً واجتماعياً، دفعه بقوة إلى المخاطرة بفلذات أكباده والمغامرة بركوب البحر بحثاً عن وضع قانوني يضمن له حياة كريمة. ويضيف باختصار: تركيا مع إقامة وإذن عمل أقرب إليّ كبيئة حاضنة من أي بلد أوروبي آخر .

تختزل قصة مصطفى معاناة قرابة ثمانية آلاف لاجئ من فلسطينيي سورية هم من بقي من عشرات الآلاف الذين انتهى بهم المستقر في أوروبا بعد أن دخلوا تركيا من حدودها الشمالية وبطريقة غير شرعية، وذلك نظرا لعدم منح السفارات التركية تأشيرات دخول لهم، ما فرض عليهم تحديات قانونية جعلت تركيا بالنسبة إليهم لا تعدو عن كونها محطة عبور؟!

فالحكومة التركية لم تكن تعترف باللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية، خلافاً لكل الأعراف الدولية، وبالتالي فهم لا يتمتعون بأي حقوق، واعتبرت وجودهم غير شرعي، ولا تشملهم رعاية الأونروا أو مكاتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين؟!

مساعٍ حثيثة

في شباط (فبراير) من عام 2014 استطاعت مؤسسات فلسطينية مدنية كمركز العودة الفلسطيني ومجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية والجمعية التركية للتضامن مع فلسطين فيدار، استطاعت تحريك ملف فلسطينيي سورية لدى الحكومة التركية، وأثمر ذلك عن صدور قرار في 19 شباط (فبراير) من ذات العام يسمح للفلسطينيين السوريين الداخلين إلى البلاد بطريقة غير شرعية بالحصول على تسوية وضع، أي ختم دخول مع إقامة لمدة ستة أشهر أو سنة.

وقد اشترطت الحكومة التركية أن يكون ذلك بالتنسيق مع المستوى الرسمي الفلسطيني ممثلاً بالسفارة الفلسطينية في أنقرة التي مضت في تنفيذ القرار إلا أنّ الدفعة الأولى من طالبي الإقامة استغرقت مدة سبعة أشهر للحصول على التسوية، وبالتالي وصلتهم الإقامات شبه منتهية فضلاً عن أنّ التكلفة المادية الباهظة بسبب سفر جميع أفراد العائلة أكثر من مرة لإتمام المعاملة منع البعض من متابعة العملية الإجرائية، فلم تحصل الدفعة الثانية من طالبي تسوية الوضع على إقامات؟!

تعاملت الحكومة التركية مع موضوع الاقامات عن طريق فروع ما يسمى «الأمنيات»، وهي جهة أمنية تتبع لوزارة الداخلية، وذلك حتى بداية آب (أغسطس) من عام 2014 حيث أصدرت حزمة قوانين جديدة تنقل هذا الملف بالكامل إلى إدارة جديدة استحدثتها لهذا الغرض هي الادارة العامة للهجرة، وكان ذلك نتيجة مباشرة للتقدم الحاصل في المفاوضات بين تركية والاتحاد الأوروبي لحسم ملف اللاجئين مقابل منح المواطنيين الأتراك حق الدخول إلى أوروبا من دون تأشيرة .

لم تتضح بدقة نتائج تلك المستجدات وانعكاسها على الوضع القانوني لفلسطينيي سورية، وظل الجميع ينتظرون شروحات تنفيذية أكثر تفصيلاً، لكن ما رشح أشار إلى أنّ الفلسطيني اللاجئ من سورية والحامل لوثيقة السفر السورية لم يستفد من القرارات الجديدة، وبقي معاملته كالسابق فلا يحصل على الإقامة؟!

ما الجديد؟

في بداية العام الحالي 2016 عاودت مؤسسات فلسطينية مدنية أبرزها هيئة علماء فلسطين في الخارج والجمعية التركية للتضامن مع فلسطين – فيدار وهيئة فلسطين الخيرية التواصل مع الجهات الرسمية التركية وتقديم شروحات تفصيلية وإحصائيات موثقة عن أوضاع فلسطينيي سورية في تركية، وتجاوبت الحكومة التركية مع مضامين الرسالة التي أبرقت بها هذه المؤسسات، وتم عقد لقاء مع مستشار رئيس الوزراء التركي لشؤون اللاجئين الدكتور محمد مرتضى يتيش، ونتج عنه توافق على تعميم صيغة من البيانات تخص فلسطينيي سورية في تركيا تقوم هذه المؤسسات بجمعها ليصار إلى التعامل معها من أجل إتمام إجراءات منح الإقامة لهم على أن يتم ذلك عبر السفارة الفلسطينية في تركيا وبرعايتها، وهو ماتم التفاهم على آلياته وطرقه من خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها السفير الفلسطيني في تركيا الدكتور فائد مصطفى قبل أيام إلى الجمعية التركية للتضامن مع فلسطين – فيدار، بحيث ستبدأ العملية الإجرائية خلال أيام قليلة قادمة وترفع إلى الحكومة التركية في أقرب وقت ضمن الربع الأول من هذا العام 2016.

خلاصة القول: إنّ حل مشكلة فلسطينيي سورية في تركيا تبدأ بتسوية أوضاعهم القانونية، بما يتلاءم مع وجه تركيا الحضاري المساهم في وضع شرعة حقوق الإنسان الذي قدمت فيه تركيا نموذجاً متقدماً لاحتضان ملايين اللاجئين في العالم وإنفاقها مليارات الدولارات عليهم وبدورها في حماية المستضعفين وإيواء المظلومين، وهو ما يفتح الباب أمام فلسطينيي سورية لدخول سوق العمل بعد أن تمهد الإقامة لخطوة تراكمية يحصل من خلالها على إذن العمل ما ينعكس إيجابياً على استقراره الاقتصادي والاجتماعي، وما قد يساهم بقوة في الحد من الهجرة، وربما يغلق هذا الباب مرة واحدة فالعمل ليس قيمة اقتصادية فحسب، وإنّما أمان اجتماعي أيضاً، فالبطالة تولّد التهميش، والتهميش يفتح الباب واسعاً أمام آفات مجتمعية كلا الطرفين في غنى عنها، وخصوصاً في ظل وجود آلاف فرص العمل في أماكن انتشار فلسطينيي سورية، وأنّ الفلسطيني مشهود له بالكفاءة والخبرة وارتفاع نسبة التعليم مقارنة بغيره من الشعوب.

وأخيراً وما لا يمكن التغاضي عنه وإغفاله هنا فإن خطوة متقدمة تجاه فلسطينيي سورية ككل وليس فقط تجاه المتوجودين على أراضيها من قبل الحكومة التركية، كمنح تأشيرات دخول، قد تحقن دماء الكثيرين منهم، وتنسجم مع موقفها الداعم للقضية الفلسطينية وتشكل أصدق تعبير عمّا يكنّه الشعب التركي لفلسطين ولشعبها، وهو ما يجب أن يكون في دائرة الاهتمام وعلى جدول أعمال وأجندة كافة الجهات الفلسطينية المسؤولة. 

 

مقالات متعلّقة

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.