حتى لا يكون "عين الحلوة" برلين ثانية!
هبة الجنداوي- صيدا
شبكة العودة الإخبارية
لا نريد وطناً في خيمة اعتصام، ولا نريد كاميرا تلتقط جمهرة المتواجدين، كلّ ما نريده هو نظرة اهتمامٍ واستجاباتٍ لمطالبنا.. هي كلماتٌ تختصر حال المعتصمين في خيمة الاعتصام على "الشارع الفوقاني"، التي أطلقها المتضررون من اشتباكات مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان.
عشرات المواطنين ممن أتت القذائف على منازلهم ومحالهم التجارية تجمهروا في خيمة الاعتصام لليوم العاشر على التوالي مطالبين بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بممتلكاتهم جراء الحرب المدمرة بين حركة "فتح" والقوة الفلسطينية المشتركة من جهة، وبلال بدر وجماعته من جهة ثانية... فمنهم من احترق جزءٌ من منزله وآخرين بكامله، ومنهم من دُمّر محله التجاري وأتت النيران على ما فيه من بضاعة.
وفي حديثٍ لشبكة العودة الإخبارية مع أحد الشباب المعتصمين في الخيمة، والذي لم يدلِ باسمه لدواعٍ أمنية، قال «عشرة أيامٍ مرّت على الاعتصام لم نرَ فيها أحداً من القيمين على المخيم قد أتى ليسأل عن أحوالنا وأين نقيم وكيف نقضي أوقاتنا، وكأننا في عالمٍ آخر».
حالة اليأس وجدار برلين!
داخل الخيمة يصل المعتصمون الليل بالنهار على أنغام الأغاني الوطنية وأبرزها "غابت شمس الحق"، ينامون فيها ويحلمون بغدٍ يحمل الأفضل بعيداً عن قبح الصراع البارد! حيث يعتصم الأطفال والشباب والنساء مطالبين بحقوقهم وأتعابهم التي أفنوا حياتهم لتحقيقها..
ففي مسحٍ أجراه قسم الهندسة في وكالة "الأونروا" لتبيان حجم الخسائر التي لحقت بأحياء الطيرة والصحون ورأس الأحمر والصفصاف، تبيّن بأنّ الأضرار توزّعت على نحو 577 منزلاً و141 محلاً تجارياً بالإضافة إلى 57 عائلة غير قادرة على الرجوع إلى منازلها.
كذلك ينتقد بعض الأهالي حالة عدم الاكتراث التي تخيّم على الأحياء الجنوبية للمخيم لجهة ما حلّ بالأهالي في الأحياء الشمالية القريبة من الشارع الفوقاني للمخيم، وكأنّ الأخيرة تتبع مدينةً أو دولة أخرى. ويشير شاب آخر من المعتصمين لشبكتنا، إلى أنّه «في حال بقي الأمر على حاله ولم نجد أي تحرّك من قبل المعنيين قد يصل بنا الوضع إلى درجة بناء جدار فاصل كجدار برلين يفصلنا عن باقي المخيم، علّنا نعيش بسلام في وقتٍ لم يسأل عن مواجعنا أحد. وهو ما يحقق أماني أصحاب مشاريع تهجير اللاجئين وتوطينهم!».
في عين الحلوة يتساءل اللاجئ عن المفاهيم الوطنيةِ الحديثة.. تأتي أفكاره في أغاني الوطن، في ملايين الشهداء، في الأسرى... في الاقتتال الداخلي الفلسطيني في مخيمات الشتات، في الفتن وتصفية الحسابات والصراع على النفوذ، في حياة اللاجئ المعذبة... ليصل إلى سؤالٍ واحد لا غير "هل نحن مؤهّلين حقاً لنحرّر وطناً، أم أنفسنا أولاً من الجهل؟!