الفلسطينيون في المجر.. أين يتعلّم أطفالهم وكيف يتمسّكون بالحقّ الفلسطيني؟
محمود كلّم- شبكة العودة الإخبارية
في مدرسة "الوحدة العربية" بالعاصمة المجرية بودابست، يدرس معظم الأطفال الفلسطينيين إن لم نقل جميعهم، يتلقّون تعليمهم في تلك المدرسة الواقعة في الحيّ الخامس عشر من العاصمة المجرية بودابست، حيث يقصدها الطلاب العرب من مختلف الأقطار العربية، ليبيا وسورية والسودان واليمن والعراق وفلسطين والجزائر ومصر..
المدرسة تضمّ نخبة من المعلمين من مختلف الأقطار العربية، وهي واحدة من اثنتي عشرة مدرسة عربية تتبع أكاديمياً للجماهيرية الليبية. تتحدّث مناهج التدريس في تلك المدرسة ولمختلف المراحل عن تاريخ وجغرافية فلسطين، في الوقت الذي غاب فيه تاريخ وجغرافية فلسطين عن الكثير من المناهج في العديد من الدول العربية.
حلم العودة لأطفال فلسطين..
في مدرسة "الوحدة العربية" هناك أطفالٌ فلسطينيون بعمر الورد لم يجرّبوا حياة المخيمات ولا بؤسها ولا انقطاع المياه والكهرباء فيها، ولم يتمرّغوا في وحولها ويضيعوا في زواريبها، وهم اعتادوا الدخول والخروج من دولة أوروبية إلى أخرى بواسطة بطاقة الهوية الشخصية لا يحتاجون أكثر من ذلك.
هم لا يعرفون أنّ المواطن العربي عندما يريد التنقل من دولة عربية إلى أخرى يحتاج إلى (فيزا)، حيث يكون الحصول عليها مستحيلاً أحياناً! وهم لا يعرفون، أيضاً، أن كثيراً من الدول العربية تغلق حدودها في وجه الفلسطيني!
الطفل أحمد (10 سنوات) في الصف الخامس من مرحلة التعليم الأساسي، هو الطفل الوحيد في المدرسة الذي وُلد وعاش فترة من الزمن في أحد مخيمات اللجوء. هو الطفل الوحيد بينهم الذي يعرف ماذا تعني أزقة المخيم الضيقة المعتمة في وسط النهار، وشبكة الأسلاك الكهربائية المتداخلة التي تغطي سماء المخيم هي منظر مألوف لديه. ولكنه ليس الوحيد بينهم الذي يحفظ أغاني الشاعر الشعبي الفلسطيني إبراهيم الصالح "أبو عرب"، ربما لأنّ فلسطين تجري مع الدم في عروق كل فلسطينيّ، سواء ولد في فلسطين أم في الشتات.
سألته ماذا تعني لك كلمة "مفاوضات" ضحك مطولاً وقال لي «سمعت بها كثيراً من قبل، ربما في التلفاز»، وأردف «لا أفهم معناها، وهذا الشيء لا يهمني كثيراً». وقال ذلك بعفوية الطفولة، ثم أشار لي بيده إلى لوحة كان قد رسمها حديثاً، هي لوحة تعني له الكثير، وهي عبارة عن علم فلسطين وبوسطه خريطة، كتب تحتها بخط يده "عائد إلى حيفا.. إلى عكا.. إلى اللد.. إلى الناصرة.. إلى المثلث.. عائدون..".
طفولة أحمد البريئة لم تسمح له بعد بسماع التصريحات التي تدعو إلى ضرورة التنازل عن حق العودة، كذلك دعوات أصحاب القرارات المؤلمة، حول حق العودة ومعادلة الأرض والتطبيع والسلام مقابل الكلام.
كل ما يعرفه هؤلاء الأطفال أنّ تلك العبارة التي قيلت في الماضي «الآباء يموتون، والأولاد ينسون» لم تكن على حق لأنها كانت تجهل حقيقة أنّ الفلسطيني يولد من رحم الأرض الفلسطينية.