"الحطة" الفلسطينية تتصدّر مبيعات معرض بيروت الدولي للكتاب
هبة الجنداوي- بيروت
تقرير العودة
بلونيها الأبيض والأسود الملتفّ بما يشبه السياج من السلك تلتفّ "الكوفية" الفلسطينية أو "الحطة"، كما يحلو للفلسطينيين تسميتها، على أكتاف العشرات من رُوّاد معرض بيروت الدوليّ للكتاب.
تلك "الكوفية" التي تتصدر المشهد اليوميّ في التظاهرات والمواجهات على نقاط التّماس مع "إسرائيل"، تتصدّر اليوم المشهد في المعرض الدوليّ الذي تحتضنه بيروت وتشارك فيه عشرات دور النشر الللبنانية والعربية والدولية.
فمن طلاب مدارس إلى شباب ووفود أوروبية وأفريقية وآسيوية، كانت "الحطة" تطغى على المشهد يوم أمس في جناح مؤسسة فلسطين للتراث "جذور"، في صورةٍ تبرز استمرارية النضال الفلسطيني ضدّ الاحتلال منذ اندلاعه عام 1935، والذي يستمرّ حتى يومنا هذا.
ومنذ اليوم الأوّل لافتتاح معرض بيروت الدوليّ للكتاب في 1 كانون أول (ديسمبر)، كانت مؤسسة "جذور" مقصداً للعديد من الزوّار الذين يتابعون المؤسسة على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، حيث لقيت المشاركة الثالثة على التوالي، إعجاب الزوّار من كافة الفئات العمرية، حسبما قال مدير مؤسسة "جذور" محمد أبوليلى.
ويضيف أبوليلى «شهدنا إقبالاً كبيراً من قبل الزوار على اقتناء الكوفية الفلسطينية خاصّةً من قبل طلاب المدارس والجامعات، وما ذلك إلاّ مؤشّر على أنّ ثقافتنا الفلسطينية لا تزال بخير طالما أنّها تنبض بالحياة في قلوب شبابنا على اختلاف أعمارهم وأعراقهم وجنسياتهم»..
وفي الوقت الذي واجهت فيه "جذور" بعض الانتقادات خلال مشاركتها العام الماضي في المعرض على اعتبار أنّها ليست دار نشر، يؤكّد أبوليلى أنّ هذا المعرض وما يحتويه من كتب هو ثقافة واسعة والتراث جزء من الثقافة له رسالة وحضارة، والحطة الفلسطينية هي ثقافة مميّزة على مرّ سنوات القرن الماضي، والتاريخ يشهد لذلك.
"الحطة" رمزٌ نضاليّ..
الحطة الفلسطینیة تعكـس بساطة حياة الفلاح الفلسطیني في جمیع قرى فلسطین، حيث اعتاد الفلاح على أن یضع الحطة لتجفیف عرقه أثناء حرثه الأرض ولوقایته من حرّ الصیف وبرد الشتاء.
وعقب اندلاع الثورة الفلسطينية عام 1936، والتي كانت نقطة تحوّل كبيرة في مسيرة الحركة الوطنية، بدأ الثوار في الإقبال على ارتداء الحطة. وعندما شرع الإنجلیز باعتقال من یرتدي حطة فلسطینیة في الوقت الذي ازداد فيه الثوار مـن ضرباتهم الموجعة للاحتلال البریطاني، أصدر الثوّار أمراً عام 1939 لأهـل المدن الفلسطینیة بنزع "الطربوش" ولبس الكوفیة والعقال وذلك إعلانا للتضامن التام مـع الثوار ورمزاً لكون الجمیع ثـوارا. عندها فوجئ الاحتلال البريطانيّ بأنّ شعباً بكامله ینزع لباس رأسه، الذي هـو من تقالیده الموروثة.
أمّا الآن فنلاحظ بأنّ الكوفیة تجاوزت كافة الحدود الجغرافیة وأصبحت رمزاً للنضال الوطني والاجتماعي عند شعوب العـالم وكـلّ أحراره، فنلاحظ الكوفیة حاضـرة دائماً في المظاهرات المطالبة بالحرية والعدل، وفي الاعتصامات المندّدة بسیاسة داخلیة لحكومة ما، وفي كافة مظاهر النضال الطلابیة، لتكون رمزاً للكفاح المستمرّ.