سراب الدولتين والترويج له!
هشام منوّر
كاتب وأكاديمي فلسطينيتبدو الحكومة الإسرائيلية الحالية عاجزة عن إدارة مكوناتها المتنافرة والتي يجمع بينها التعصب والتطرف واليمينية القومية والدينية على حد سواء. فتارة تريد إظهار مدى بطشها وقوتها من خلال مهاجمة غزة بأحدث انواع الطائرات الأمريكية، وتارة تروج لمفهوم الدولتين وسياسة التعايش مع الفلسطينيين على ارض واحدة أو ضمن دولتين!
استطلاع فلسطيني إسرائيلي مشترك جديد يكشف أنّ كلا الطرفين يشعر بثقة قليلة تجاه بعضهما البعض. وأن كلا الطرفين يعتقد أنّ الهجمات ستستمرّ. نسبة تأييد حل الدولتَين آخذة بالنقصان في أوساط الإسرائيليين والفلسطينيين على حدٍّ سواء، هذا ما يظهره استطلاع نشره المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (PSR) في رام الله والمعهد الإسرائيلي للديمقراطية.
وفقاً للاستطلاع، فإنّ 51% من الفلسطينيين و59% من الإسرائيليين يؤيدون حل الدولتَين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. في أوساط الإسرائيليين، فإنّ 53% من الإسرائيليين يؤمنون بهذا الحلّ. أعرب 39% فقط من الفلسطينيين و 46% من الإسرائيليين (39% من اليهود و90% من العرب) عن تأييدهم لـ "حزمة التسوية"، التي تستند إلى جولات المفاوضات السابقة. اشتملت الحزمة، من بين أمور أخرى، على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، انسحاب كيان الاحتلال إلى حدود 1967 بما في ذلك تبادل الأراضي كما هو مطلوب، لم شمل الأسرة في كيان الاحتلال لـ 100 ألف لاجئ فلسطيني، أن تكون القدس الغربية عاصمة كيان الاحتلال، والقدس الشرقية عاصمة فلسطين بالإضافة إلى إنهاء الصراع ووضع حدّ للمطالب المتبادلة، بحسب معدي الاستطلاع.
التأييد الأكبر لـ "حزمة التسوية" المقترحة، كان في أوساط الإسرائيليين الذين عرّفوا أنفسهم كيساريين أو يساريين معتدلين (84%)، مقارنة بأولئك الذين في الوسط (59%) واليمينيين المعتدلين واليمينيين (18%). في الجانب الفلسطيني، فإنّ 57% من ناخبي فتح أيّدوا التسوية، مقابل 25% من مؤيدي حركة حماس و46% من ناخبي الأحزاب الأخرى، ودائما بحسب معدي الاستطلاع.
عندما تم سؤالهم عن استعدادهم للاعتراف المتبادل بالهوية القومية لكلا البلدين كجزء من اتفاق السلام، فإنّ معظم الإسرائيليين (64%) وأقلية من بين الفلسطينيين (43%) أيّدوا مثل هذا الاعتراف المتبادل. في أوساط الفلسطينيين 44% فضّلوا مفاوضات متعدّدة الأطراف، بينما فضّل الإسرائيليون (40%) محادثات ثنائية (مفاوضات مباشرة). وإذا تمت محادثات متعددة الأطراف، فإنّ كلا من الإسرائيليين (28%) والفلسطينيين (22%) يفضّلون مساعدة منتدى عربي (بمشاركة السعودية، مصر والأردن). بقية الأطر الأخرى - محادثات بقيادة أمريكية (إسرائيليون- 26%، فلسطينيون- 8%)، محادثات بقيادة الاتحاد الأوروبي (إسرائيليون- 7%، فلسطينيون- 20%)، أو بقيادة الأمم المتحدة (إسرائيليون- 12%، فلسطينيون - 22%) مقبولة أكثر على طرف واحد ولكن ليس على الطرف الآخر.
يشعر الفلسطينيون والإسرائيليون بثقة قليلة تجاه بعضهم البعض. يعتقد 89% من الفلسطينيين أنّه لا ينبغي الثقة بالإسرائيليين، وكذلك يعتقد 68% من الإسرائيليين تجاه الفلسطينيين. في السياق نفسه، فإنّ 54% من الفلسطينيين يعتقدون أنّ هدف كيان الاحتلال هو توسيع حدوده، وضمّ جميع الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر وطرد جميع الفلسطينيين من هناك. ويعتقد 27% أنّ هدف كيان الاحتلال هو ضمّ الضفة الغربية ولكن عدم إعطاء الفلسطينيين حقوقا سياسية.
في أوساط الإسرائيليين، فإنّ 35% يعتقدون أنّ الطموح الأساسي للفلسطينيين هو احتلال "دولة إسرائيل" والقضاء على الغالبية اليهودية، 19% يعتقدون أنّ طموح الفلسطينيين هو احتلال كل الكيان. ومع ذلك، فإنّ 12% فقط من الإسرائيليين قالوا إنّ هدف كيان الاحتلال هو ضمّ الضفة الغربية وطرد الفلسطينيين المقيمين هناك على حد زعمهم.
يبدو توقيت الاستطلاع ونتائجه غريبة ومشبوهة في الوقت الذي يمارس فيه افيغدور ليبرمان هوايته في تحديد قطاع غزة وقصفه بمختلف أنواع الأسلحة المحرمة دوليا وابتزاز سكان القطاع بالتخلي عن السلاح مقابل فك الحصار والسماح بإعادة الإعمار، وعليه فإن أي حديث عن آمال مشتركة لبناء دولة واحدة او دولتين بين السلطة والحكومة الإسرائيلية هو مجرد لعب في الوقت الضائع ومحاولة لذر الرماد في عيون ما عادت تقنع بهذه الأوهام!