طلاب من فلسطيني سورية في لبنان خارج مقاعد الدراسة
ابراهيم العلي
باحث بالشأن الفلسطينييتوزع اللاجئون الفلسطينيون من سورية إلى لبنان، وهم قرابة 52 ألف لاجئ على المخيمات والمدن اللبنانية بنسبة 50.68% داخل المخيمات و49.32 خارجها، وتتراوح نسبة الأطفال من أعمار (6-17) 26.10% حسب الأونروا، أي أن قرابة 13750 طالب هم في عمر المدرسة.
وتستوعب مدارس الأونروا الموجودة داخل وخارج المخيمات الفلسطينية معظم هؤلاء الطلاب، إلا أن بيانات الأونروا تدل على التحاق ما يقارب 30% فقط من الطلاب بالمدارس!
وفي سياق البحث عن معوقات الالتحاق والأسباب الكامنة وراء ذلك، يجد المتتبع نفسه أمام العديد من المبررات التي يسوقها ذوو الطلاب والتي أبرزها:
العامل الاقتصادي
يضطر جزء من الطلاب للذهاب إلى المدارس بواسطة وسائط نقل خاصة، سواء من داخل المخيمات إلى المدينة أو بالعكس، فهناك من تم تسجيله في مدارس خارج المخيم، بحجة اكتظاظ المدارس بالطلاب من أبناء المخيمات واختلاف المنهج الدراسي المقرر، حيث تقوم المدارس المخصصة للطلاب اللاجئين من سورية بتدريس المنهاج اللبناني بشكل مخفف، وتعتمد بعض البرامج الخاصة بهم كالدعم النفسي وغيرها من الأنشطة الخاصة.
إلا أن الوضع الاقتصادي الذي يعانيه الأهالي قد يحول في بعض الأحيان دون إرسال أبنائهم إلى تلك المدارس، فأجرة الانتقال بواسطة الباص بحدود 20$ للطالب الواحد شهرياً، فكيف إذا ضمّت الأسرة أكثر من طالب في ظل فقدان المعيل أو البطالة التي يعاني منها المجتمع الفلسطينيي في لبنان بشكل عام؟
اختلاف المناهج
دأب الطلاب في سورية على دراسة المناهج باللغة العربية في كل مراحل التعليم؛ من المرحلة الابتدائية حتى نهاية التعليم الجامعي، إلا أن المناهج في لبنان اعتمدت اللغة الإنكليزية في تعليم الطلاب في مرحلة ما بعد الصف الخامس الابتدائي، لذلك وجد الطلاب أنفسهم أمام فجوة كبيرة يصعب عليهم وعلى ذويهم التعاطي معها، وذلك لعدة أسباب، فإمكانيات اللغة لدى الطالب والأهل تكاد تكون معدومة، وكذلك فإن فرص ردم هذه الفجوة من خلال الدعم العلمي عبر دروس خاصة متعذر أيضاً لما يعانيه اللاجئون من ضائقة اقتصادية.
التعاطي الخاطئ مع المرحلة
ثمة تعاطٍ خاطئ ومزدوج مع المرحلة التي تمرّ فيها أزمة اللاجئين الفلسطينيين من سورية إلى لبنان، فمن ناحية الأهل أحجم بعضهم عن إرسال أبنائهم إلى المدارس ظناً منهم أن الأزمة السورية ستنتهي سريعاً وسيعودون إلى منازلهم، وكذلك تعاطي بعض المعلمين مع الطلاب على أن وجودهم مرحلي ومؤقت أو معاملتهم كدرجة ثالثة، وبالتالي لم يبذلوا الجهد المطلوب لتوضيح الفكرة للطالب الذي يسأل - في بعض المدارس- فمن يستوعب الدرس من المرة الأولى فاز، ومن لم يستوعب فهذه مشكلته، وهناك الكثير من الشواهد الدالة على مثل هذا النوع من السلوك.
ظاهرة التسرب الدراسي خطيرة، ولا بد من الوقوف عندها والعمل على الحدّ منها بكل الوسائل الممكنة، لتفادي النتائج السلبية التي تنتج عنها، فتسرُّب نحو 70% من الطلاب مؤشر خطير ينذر بمستقبل متوقع لمجتمع اللاجئين، صِفتُه الجهل والأمية وما يترافق معهما من بطالة وفقر وجريمة، والواجب الآن هو بذل كل الجهود لجذب الطلاب إلى مقاعد الدراسة وتشجيعهم على طلب العلم ووضع الآليات اللازمة لذلك، وزيادة الإنفاق على التعليم لضمان رفع نسبة المنضمين للعملية التعليمية والحفاظ على نسبة عالية من المتعلمين التي كانت سمة المجتمع الفلسطيني بين أقرانه من شعوب المنطقة.