بعد 7 عقود.. الأمم المتحدة تتذكر اللاجئين الفلسطينيين
محمود علي
كاتب مصريأثارت الزيارة التي أجراها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان ومواساة اللاجئين على وضعهم المأساوي إنسانيًا واجتماعيًا، جدلًا واسعًا في الأوساط المحلية الفلسطينية، لاسيما أن جزءًا من هذه المأساة، سببها الأمم المتحدة.
كان الأمين العام للأمم المتحدة، زار الجمعة الماضية، مخيم «نهر البارد» للاجئين الفلسطنيين شمالي لبنان، واستمع لأهالي المخيم، الذين كثرت الدموع في أعينهن، جراء الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها المخيم، فقال: «دموعكم غالية جدا»، متعهدا بإطلاق نداء لتأمين الموارد المالية لاستكمال إعمار المخيم.
لم يتذكر «كي مون» ضرورة الاعتذار على ما بدر من المنظمة التي يترأسها تجاه هؤلاء اللاجئيين على مدى 7 عقود مضت على إنشاء المنظمة، بعدما اتسم أداؤها بالفشل والإخفاق حول قضاياهم، التي طالما يواجهها تحالفات دولية ومصالح خاصة لبعض الدول الكبرى داخل المنظمة، التي أصبحت تتحكم في قرارات الأمم المتحدة.
وذكّر النشطاء الفلسطينيون الأمين العام للأمم المتحدة بالقرار 194 الخاص باللاجئين الفلسطينين، الذي ينص على حق العودة، لكنه ظل حبيس الأدراج دون تطبيق بعد مرور ما يزيد على ستة عقود، ليثبت أن الزيارة الأممية ما هي إلا شو إعلامي، وأن بقاء قضية اللاجئين دون حل وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي مازال عاجزا عن فرض تطبيق قراراته، نتيجة تعنت الكيان الصهيوني ورفضه لجميع القرارات الدولية، وهو دليل آخر على سياسة المعايير المزدوجة في التعاطي مع قضايا العالم.
وأكد بيان صادر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على ضرورة نقل صورة المعاناة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان إلى أعضاء الأمم المتحدة الناجمة عن استمرار العدو الإسرائيلي في احتلاله للأرض الفلسطينية منذ عام 1948، داعية الأمم المتحدة إلى الوقوف في وجه العدوان الإسرائيلي المستمر ضد الشعب الفلسطيني، ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لإنهاء محنة اللاجئين الفلسطينيين المستمرة، وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.
ورغم أن الشعب الفلسطيني ظل على مر العقود الماضية يراوده الأمل بأن تكون الأمم المتحدة منبرا ينطلق منها بحثه عن العدالة والحماية من العدوان والاحتلال الإسرائيلي، إلا أنه لم يحصل على ذلك، حيث نالت قضية فلسطين الجانب الأكبر من مئات القرارات المجمدة، بدءا من قرار التقسيم بعد ارتكاب الجريمة الكبرى بحق الشعب الفلسطيني، مرورًا بالاعتراف بالكيان الإسرائيلي عام ١٩٤٨ والاستمرار في دعمه وتغطية جرائمه.
ودائما ما تعمل إسرائيل على انتهاك قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالشأن الفلسطيني، منها القرارات 242، و194 الخاص بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك القرار 446 لعام 1979 الذي ينص على أن إقامة المستوطنات الإسرائيلية فوق الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967، لا يستند إلى الشرعية القانونية، كما أن المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، مثل الأونروا لم توفر للاجئين الذين يعيشون في المخيمات طوال هذه الفترة إلا الفتات.
وأصبحت القضية الفلسطينية حالة مزمنة ومستعصية في أروقة الأمم المتحدة، بعدما ظلت القرارات المناصرة للقضية الفلسطينية حبرا على ورق، ولم تجد ترجمتها الفعلية على الأرض، بصرف النظر عن اعتراف الغالبية الساحقة من شعوب الأرض بشرعية هذه القضية وعدالتها.
وأثبتت المؤشرات تراجع المنظمة الدولية وتخليها عن دورها بوصفها مؤسسة دولية محايدة، لتثبت تحولها إلى أداة في أيدي العواصم الكبرى المهيمنة مثل واشنطن وغيرها الذين يعبرون عن مصالح الكيان الصهيوني ومصالحهم الخاصة وليس عن مصالح الشعوب المظلومة، حيث كشف تقديم طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو في المنظمة، عن عجز المجتمع الدولي عن الاضطلاع بدوره ومسؤولياته، أمام الولايات المتحدة التي أظهرت موقفا منحازًا على نحو سافر لصالح الكيان الصهيوني، من خلال استخدام حق الفيتو ضد هذا الاعتراف.
أضف تعليق
قواعد المشاركة