ماجد الزّير لـ«شبكة العودة»: فلسطين لا تزال راسخةً في واقع فلسطينيي أوروبا.. أجيالٌ نشأت على ذاكرة الأجداد
أجرى الحوار: هبة الجنداوي
أجيالٌ فلسطينيّةٌ عديدة وُلدت منذ النكبة وحتى الآن حملت همّ الوطن المسلوب، وحلُمت بالعودة إليه ولا تزال تحلُم..
ففي كلّ الأقطار العربية والأوروبية والأميركيّة، حيثما وُجد الفلسطينيّ، تراه يصدح بأعلى صوته يطالب بالعودة واسترداد الحقوق المسلوبة. وما الفعاليّات والمسيرات والمؤتمرات التي يقيمها اللّاجئون الفلسطينيّون في أنحاء مختلفةٍ من العالم إلّا دليلٌ على أنّ فلسطين لا تزال راسخةً في واقعهم وقلوبهم، وحياتهم اليوميّة.
وفي هذا المحور تحاور شبكة العودة الإخباريّة المدير العام لمؤتمر فلسطينيي أوروبا الأستاذ ماجد الزير حول مسألة حق العودة بين فلسطينيي القارّة الأوروبية، وأهمية مؤتمر فلسطينيي أوروبا مع اقتراب انعقاده للمرّة الثالثة عشر في الخامس والعشرين من شهر نيسان الجاري.
مؤتمر فلسطينيي أوروبا محجّ سنوي لفلسطينيي القارّة الأوروبية
- مؤتمر فلسطينيي أوروبا يُعقد للعام الثالث عشر على التوالي، ما هي أهمية المؤتمر، وما هو تقييمكم له بعد الأعوام الـ 13 لانطلاقه؟
ماجد الزير: لقد وجد القائمون على مركز دار العودة أهمية أن يظهر رأي أبناء الشعب الفلسطيني في أوروبا بشكل واضح وصريح يعكس مدى تمسّكهم بحق العودة، وذلك نتيجة ما رآه القائمون على المركز من مشروع العدو الصهيوني أن يُظهِر الفلسطيني في الشتات البعيد (أوروبا وأميركا وغيرها..) على أنّه "الشريحة الأسهل"، وذلك بعد حصوله على جنسيات أوروبية واندماجه بالبيئات التي يعيش فيها، لذلك فهو غير معني بالعودة في نظرهم.
فجاءت هنا فكرة مؤتمر فلسطينيي أوروبا لتحقيق أهدافٍ عدّة من أهمها تأكيد فلسطينيي أوروبا على حقهم بالعودة إلى فلسطين، حيث أنّ بُعد الجغرافيا وتقادم الزمن لا يعني نسيان الفلسطينيين، في كافّة دول الشتات، لأرضهم.
وقد ظهرت أهميّة هذا المؤتمر عاماً بعد عام من خلال تفاعل أبناء الشعب الفلسطيني في كافة دول القارة الأوروبية مع المؤتمر بشكل جيّد. وظهرت أهمّيته أيضاً من خلال القيمة السياسية العالية للرسائل التي يوجهها المؤتمر إلى العديد من الجهات المعنيّة الأوروبية والعربية. حيث تحول إلى محجّ سنوي ويشكل هوية لآلاف الفلسطينيين الذين يتوافدون لحضوره من جميع أنحاء القارة الأوروبية بعشرات الحافلات.
- ما هو الإنجاز الأهم الذي استطاع المؤتمر تحقيقه خلال الأعوام الـ 12 الماضية؟ هل استطاع تحقيق أهدافه؟
ماجد الزير: لقد بدت الحاجة جليّةً لطرح قضايا الشعب الفلسطيني في مؤتمر فلسطينيي أوروبا، ذلك أنّ المنصّات الشبيهة بهذه المنصّة السنويّة قليلة جداً في التجمّعات الفلسطينية في العالم، وذلك فرض علينا وعلى القائمين على المؤتمر أن تُطرح قضايا كالقدس والأسرى والمستوطنات وقضايا الهمّ الفلسطيني في المخيمات الفلسطينيّة في الشتات.
وقد ساهم المؤتمر في ثقل الهويّة الفلسطينية، حيث أنّ أجيال كثيرةٌ نشأت بالكامل في حضن المؤتمر خلال السنوات الثلاثة عشر لانعقاده، ولعلّ هذا الإنجاز هو الأهم.
ومن ضمن الإنجازات المهمّة للمؤتمر أيضاً، نشوء مؤسسات تخصصية في القارة الأوروبية لخدمة قضايا الشعب الفلسطيني مثل تجمع الأطباء الفلسطينيين في القارة الأوروبية، تجمع المهندسين الفلسطينيين في القارة الأوروبية، حملة الوفاء الأوروبية لإغاثة منكوبي سوريا، أيضاً التجمعات النسائية والشبابية..
كما وإنّ للروزنامة السنويّة الفلسطينيّة، التي وضعها القائمون للتذكي بالمناسبات الفلسطينية المتنوّعة، أثراً واضحاً في خلق واقع نحو دعم القضية في الساحة الأوروبية، من خلال تنفيذ فعاليّات في هذه المناسبات المهمّة.
- مؤتمر فلسطينيي أوروبا هذا العام تحت عنوان "فلسطيينيي أوروبا والمشروع الوطني الفلسطيني"، ما هو الجديد والمميّز؟
ماجد الزير: إنّ فعاليات المؤتمر لهذا العام ستتمحور حول الدّور المنوط بفلسطينيّي القارة الأوروبية تجاه قضايا الوطن المختلفة، خاصّة في ظل ما تمر به القضية من تطورات عدّة. كما وسيتناول المؤتمر البحث في آفاق تطوير العمل المؤسساتي الفلسطيني في أوروبا، وذلك بحضور أكثر من 35 شخصية من الوسط الفلسطيني، والعربي، والإسلامي، والأجنبي.
ومؤتمر فلسطينيي أوروبا دائماً ما يكون ذا قيمة متجدّدة في انعقاده، فديمومة الانعقاد، ونجاحه في تقوية الروابط والأواصر بين أبناء الشعب الفلسطيني في عموم القارة هذا بحدّ ذاته تميز متجدّد.
كما أنّ التنوّع في طرح القضايا الفلسطينية كقضايا القدس، والعودة، والأسرى، وفلسطينيو سوريا.. هي أيضاً ما يميّز هذا المؤتمر، حيث سيتم مناقشة القضايا والمشكلات الحياتيّة، لفلسطينيي سوريا، خاصّةً وأنّ أكثر من 50 ألف فلسطيني وفدوا من سوريا إلى دول الاتّحاد الأوروبي خلال السنوات الأربع الأخيرة أي منذ بدء الثورة السورية.
بالإضافة إلى أنّ 11 فرقة فولكلورية ستقدّم إبداعات من التراث الفلسطيني، وذلك بهدف التركيز على تعزيز الهوية عند الناشئة الفلسطينية المولودة بأوروبا.
برلين عاصمة الشتات الفلسطيني الأوروبي
- مؤتمر فلسطينيي أوروبا عُقد في أكثر من عاصمة أوروبية مثل باريس، لندن، روتردام، ميلانو، بروكسل، كوبنهاغن، فيينا، برلين... ونلاحظ أنّ المؤتمر انعقد في برلين مرتين والثلاثة هذا العام، ما الهدف من ذلك؟
ماجد الزير: نحن كعاملين في الحقل الفلسطيني في أوروبا، نعتبر أنّ برلين هي عاصمة الشتات الفلسطيني في القارة الأوروبيّة، إذ يقيم فيها عشرات آلاف الفلسطينيين الذين يمثلون أكبر جالية فلسطينية بدول الاتّحاد الأوروبي، كما أنّها تتوسّط القارة الأوروبية.
وإنّ من حضر المؤتمرات التي عُقدت في برلين عامي 2004 و2010، وحجم التفاعل الفلسطيني معها، يخرج بنتيجة طبيعيّة وهي أنّ حضور القضية في واقع وذهن أبناء الشعب الفلسطيني في ألمانيا، حضوراً مميّزاً وفاعلاً يجب أن يُخدم.
- برأيك ما مدى تأثير ما يحدث في الدول العربية على القضيّة الفلسطينية، وكيف سيؤثّر ذلك على مسار المؤتمر؟
ماجد الزير: إنّ المشهد الصعب في قطاع غزة، والضفة الغربية، وأراضي فلسطين 48، وأوضاع الجوار العربي والانهيار في المنظومة السياسية العربية بالعموم، يفرض على الشعب الفلسطيني وقطاعاته الحية خلق فرص وفتح مساحات حركة لإبقاء القضية حية في أنظار العالم من أجل حدوث متغيرات محلية وإقليمية ودولية تؤثر بشكل إيجابي على القضية.
فالتوقيت السياسي للمؤتمر هذه السنة له ميزة من حيث انهيار المنظومة العربية بالكامل وما يشهده الوطن العربي من تشتّت أدّى إلى عدم الالتفات للقضية الفلسطينية كما يجب أن يُلتفت لها، وهذا يرفع القيمة للمؤتمر هذه السنة.
فلسطين ثقافة وهمّ فلسطيني شامل
- كيف ترون قضيّة العودة في القارّة الأوروبيّة، هل ما زالت ثقافةً وهمّاً فلسطينياً في وجدان فلسطينيي أوروبا؟ ما هي مظاهر تواجدهم المحلّي وتفاعلهم، وخاصةًّ الشباب، مع قضايا فلسطين؟
ماجد الزير: إنّ الأجيال الفلسطينية التي نشأت في القارّة الأوروبية بالرغم من بعدها عن الوطن، إلا أن فلسطين لازالت حاضرة في عقولهم وضمائرهم وواقعهم.. كما أنّه رغم انخراطهم في الحياة العامة في أوروبا إلّا أنهم ما زالوا يحتفظون بانتمائهم لفلسطين والهوية الفلسطينية.. وهذا هو التحدّي.
كما أنّ من يرصد وسائل التواصل الاجتماعي يجد حجم تفاعل أبناء القارّة الأوروبية مع قضاياهم الوطنيّة تفاعلاً محلياً خاصّةً خلال حروب غزة الثلاثة، وحملات نصرة الأسرى المرضى والإداريين، وحملات نصرة فلسطينيي سوريا. إضافةً إلى أنّ أكثر من 60% من المتواجدين في مؤتمر فلسطينيي أوروبا هم من فئة الشباب، وسيكون لهم حضور في الفقرات الفولكلورية، والتقديم، وورش العمل الخاصّة بهم..
- إلى أي مدى استطاع الفلسطينيّون التأثير على الرأي العام الأوروبي من خلال المؤتمر وغيره من الفاعليّات؟ وما مدى تفاعل البرلمانيّين الأوروبيّين مع قضيّة فلسطين؟
ماجد الزير: يشكل الفلسطينيون مجموعة مهمة لا يُستهان بها في الساحة الدولية، وقد استطاعوا تنظيم أنفسهم ليشكّلوا مؤسسات تعمل لحق العودة، واستطاعت هذه المؤسسات وعلى مرور الزمن أن تبني لها علاقات مهمة على مستوى البرلمانات والحكومات وأصحاب القرارات والنفوذ ووسائل الإعلام في تلك البلاد.
وقد استطاعت هذه المؤسسات أن تدخل إلى تلك البرلمانات ومجالسها وتطرح وجهة نظرها مستندة إلى قرارات الشرعية الدولية، ونتيجة هذا العمل نلاحظ بأن هناك العديد من الشخصيات الأوروبية المهمة باتت إلى جانبنا تساندنا وترفع صوتها معنا وتدافع عن حقوقنا.
كمّا أنّ الحروب الثلاثة التي تعرّضت لها غزة أدّت إلى انقلاب في المزاج العام الأوروبي لصالح القضية الفلسطينية، بعد أن أظهر العدوان همجيته من خلال الجرائم التي يرتكبها بحق المدنيين الفلسطينيين.
من قال أنّ البُعد نسيان فهو مخطئ، لأنّ ذلك حتماً لا ينطبق على اللاجئ الفلسطينيّ الذي ابتعد قسراً عن وطنه وهُجّر منه عنوةً، ففي البُعد هنا يزدحم الفلسطينيّ بتفاصيل وطنه أكثر!
أضف تعليق
قواعد المشاركة